فلما كرر الله ذكره فى القران فرحوا به- فانزل الله تعالى هذه الاية- وقيل المراد بقوله ومن الأحزاب من ينكر بعضه يعنى مشركى مكة حين كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كتاب الصلح بسم الله الرّحمن الرّحيم- قالوا لا نعرف الرّحمن الا رحمان اليمامة يعنى مسيلمة الكذّاب فانزل الله وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ ... - وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ- وانما قال بَعْضَهُ لانهم كانوا لا ينكرون ذكر الله وينكرون ذكر الرّحمن قُلْ يا محمّد إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ اى بان أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ الاية ان كان فى جواب منكرى اهل الكتاب فالمعنى قل لهم انى أمرت فيما انزل الىّ ان اعبد الله واوحّده- وهو العمدة فى الدين ولا سبيل لكم الى إنكاره- واما ما تنكرونه مما يخالف شرائعكم من الاحكام فليس ببدع- فان الشرائع والكتب السماوية ينسخ بعضها بعضا فى جزئيات الاحكام- وان كان فى عامة الكفار فالمعنى انى أمرت ان اعبد الله وحده- وذكره بأسماء كثيرة من الله والرّحمن والرّحيم لا ينافى التوحيد فانكاركم على اسم الرّحمن لا معنى له- ولعل انكارهم ذكر الرّحمن مبنى على ان استعدادهم يأبى عن رحمة الله تعالى إِلَيْهِ أَدْعُوا الناس لا الى غيره وَإِلَيْهِ لا الى غيره مَآبِ (36) مرجعى ولا سبيل الى انكار ذلك.
وَكَذلِكَ اى مثل انزالنا الكتب السابقة بلغات من أرسل إليهم أَنْزَلْناهُ اى القران عليك حُكْماً فى القضايا والوقائع والحلّ والحرمة وغيرها على ما يقتضيه الحكمة عَرَبِيًّا مترجما بلسان قومك العرب ليسهل لك ولقومك فهمه وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ فيما أنكروا عليك فرضا بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ (37) يعنى ناصر وحافظ يقيك ويمنع العقاب عنك روى ان اليهود قالوا ان هذا الرجل ليس له همة الا فى النساء فانزل الله تعالى.
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ بشرا مثلك لا ملائكة وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً اى نساء وأولادا كما هى لك وَما كانَ لِرَسُولٍ اى ما صح له ولم يكن فى وسع أحد منهم أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ يقترح عليه وحكم يلتمس منه إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لانهم عبيد مربوبون لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ (38) اى لكل أمد- ولوقت كل شيء كتاب كتب الله