حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ عامة لما دل عليه وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا اى فتراخى نصرهم حتّى إذا استيئسوا- وقال البيضاوي غاية لمحذوف دل عليه الكلام تقديره لا يغررهم تمادى ايّامهم- فان من قبلهم أمهلوا حتّى إذا استيئس الرسل من ايمان قومهم لانهماكهم فى الكفر مترفين متمادين فيه من غير سوء وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا قرا الكوفيون وابو جعفر بتخفيف الذال- وكانت عائشة تنكر هذه القراءة نظرا الى ظاهر معناه انهم ظنوا أخلفوا ما وعدهم الله لكن القراءة متواترة وان لم تسمعها عائشة من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبلغها متواترا- والمعنى ظنوا اى الرسل انهم قد كذبوا اى كذبتهم أنفسهم حين حدثتهم انهم ينصرون- او كذبهم القوم بوعد الايمان- او المعنى وظنوا اى المرسل إليهم انهم اى الرسل قد كذبوهم بالدعوة والوعيد- او المعنى ظن المرسل إليهم ان الرسل قد كذبوا وأخلفوا فيما وعد لهم من النصر وخلط الأمر عليهم- وقال البغوي وروى عن ابن عباس ان معناه ضعف قلوب الرسل يعنى وظنت الرسل انهم قد كذبوا فيما وعدوا من النصر وكانوا بشرا وظنوا انهم أخلفوا ثم تلا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ- وهذا المعنى هو الّذي أنكرته عائشة- قال البيضاوي ان صح هذه الرواية يعنى عن ابن عباس فالمراد بالظن ما يهجس فى القلب طريق الوسوسة قال الطيبي الرواية صحيحة فقد رواه البخاري والظاهر ان المراد بالآية المبالغة فى التراخي والامهال على سبيل التمثيل- وقرا غير الكوفيين بالتشديد- والمعنى وظنت يعنى أتقنت الرسل ان القوم قد كذبوهم فيما اوعدوهم تكذيبا لا يرجى ايمانهم بعده- كذا قال قتادة وقال بعضهم معناه حتّى إذا استيئس الرّسل ممن كذبهم من قومهم ان يصدقوهم وظنوا ان من أمن بهم منهم قد كذبوا وارتدوا عن ايمانهم لشدة المحنة والبلاء واستبطاء النصر جاءَهُمْ اى الرسل نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ قرا ابن عامر وعاصم ويعقوب بنون واحدة وتشديد الجيم وفتح الياء على لفظ الماضي المبنى للمفعول من التفعيل- فيكون محل من مرفوعا- والباقون بنونين وتخفيف الجيم وسكون (?) الياء على لفظ المضارع المتكلم من الافعال ومن حينئذ فى محل النصب والمراد من نشاء النبي والمؤمنون- وانما لم يعينهم ليدل على انهم هم الذين يستأهلون ان نشآء نجاتهم لا يشاركهم فيه غيرهم ولا يذهب الوهم الى غيرهم وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عذابنا