بوجهتها الّتي الى الوجود- وبهذه الحيثية مربيات للاشياء الاخروية- ولذلك صارت الاخرى مرضية لله تعالى مقبولة- وصار تعلق القلب بتلك الأشياء كتعلقه بصاحبها- فالكاملون فى محبة الله تعالى هم الكاملون فى محبة الدار الاخرة- وهذا وجه الفرق بين الأشياء الدنيوية والاخروية وجواز تعلق الحب بإحداهما دون الاخرى- إذا تمهد هذا فنقول ظهر بالنظر الصريح والكشف الصحيح للمجدد للالف الثاني رضى الله عنه ان وجود يوسف عليه السلام وجماله وان كان مخلوقا فى الدار الدنيا لكنه كان على خلاف سائر الأشياء الموجودة فيها- من جنس الموجودات الاخروية وربّتها صفات الله تعالى بوجهتها الّتي الى الوجود كما ربّت الجنة وما فيها من الحور والغلمان- فلا جرم جاز تعلق قلب اهل الكمال وحبهم به عليه السلام كما جاز تعلقها بالجنة وما فيها- كذا ذكر المجدد رضى الله عنه فى المكتوب المائة من المجلد الثالث- بقي هاهنا إشكالان أحدهما ان المجدد رضى الله عنه قال فى مقام اخر ان الممكنات سوى الأنبياء والملائكة مجال ومظاهر لظلال الأسماء والصفات الّتي هى مباد لتعيناتها- دون الأسماء والصفات أنفسها- واما الملائكة والأنبياء فاصول الأسماء والصفات مباد لتعيناتهم- وهم مجال ومظاهر لها- فكيف قال هاهنا ان الممكنات بأسرها مجال لاسمائه وصفاته تعالى- وكيف يتصور حينئذ ان تتجلى الصفات بانفسها فى الأشياء الدنيوية بوجهتها الّتي الى الاعدام- وفى الأشياء الاخروية بوجهتها الّتي الى الوجود- وحله ان كونها مجال لظلال الأسماء لا ينافى كونها ظلالا لاصولها فان ظل ظل الشيء ظل له- فالاسماء والصفات تتجلى فى الأنبياء بلا توسط الظلال وفى غيرهم بتوسطها- ثم هى تتجلى فى الأشياء الدنيوية بتوسط الظلال بوجهتها الى العدم وفى الأشياء الاخروية بوجهتها الّتي الى الذات والوجود الصرف فلا منافاة ثانيهما (?) انه يلزم حينئذ فضل يوسف عليه السلام على سائر الأنبياء بل على أفضلهم عليه وعليهم الصلوات والتسليمات- فان الكلام السابق يشعر ان غير يوسف عليه السلام من الأنبياء فى الدنيا مجال للصفات بوجهتها الّتي الى العدم- وحله ان هذا الاشعار انما هو بمفهوم اللقب ولا عبرة لمفهوم اللقب بل الحق ان الأنبياء كلهم عليهم الصلوات والتسليمات مجال للصفات باعتبار وجهتها الى الوجود الصرف وليس عدم ظهور حسن الاخرة منهم عليهم الصلوات والتسليمات