ثُمَّ لما فتح رحل بنيامين اسْتَخْرَجَها اى السقاية او الصواع لانه يذكر ويؤنث مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ بنيامين- فلما استخرج الصواع من رحله نكس اخوته رءوسهم من الحياء واقبلوا على بنيامين- وقالوا ايش الّذي صنعت فضحتنا وسوّدتّ وجوهنا- يا بنى راحيل ما يزال لنا منكم بلاء متى أخذت هذا الصواع- قال بنيامين بل بنوا راحيل لا يزال لهم منكم بلاء- ذهبتم بأخي فاهلكتموه فى البرية- ووضع هذا الصواع فى رحلى الّذي وضع البضاعة فى رحالكم- قال وأخذ بنيامين رقيقا وقيل ان ذلك الرجل اخذه برقبته ورده الى يوسف كما يردّ السراق كَذلِكَ محله النصب اى مثل ذلك الكيد كِدْنا لِيُوسُفَ بان علّمناه إياه وأوحينا به اليه- ومن هاهنا يعلم ان قول المنادى إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ وما تبعه كان بامر يوسف- وكان بايحاء الله اليه- فلا معصية فى ذلك- قال البغوي الكيد هاهنا جزاء الكيد- يعنى كما فعلوا فى الابتداء بيوسف من الكيد فعلنا بهم- وقد قال يعقوب ليوسف عليهما السلام فيكيدوا لك كيدا- فكدنا ليوسف فى أمرهم- وقال الكيد من الخلق الحيلة ومن الله التدبير بالحق- يعنى صنعنا ذلك ليوسف حتّى أخذ أخاه وضم الى نفسه وحال بينه وبين اخوته ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ ويضمه الى نفسه فِي دِينِ الْمَلِكِ قال ابن عباس فى سلطانه وقال قتادة فى حكمه حيث كان حكم الملك ودينه ان يضرب السارق ويغرم ضعفى قيمة المسروق إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ ان يجعل ذلك الحكم حكم الملك فالاستثناء من أعم الأحوال- ويجوز ان تكون منقطعا اى لكن أخذ بمشية الله واذنه ولطفه حيث وجد السبيل الى ذلك بان رد يوسف الحكم الى اخوته واجرى الله على ألسنتهم ان جزاء السارق الاسترقاق فحصل مراد يوسف بمشية الله تعالى نَرْفَعُ دَرَجاتٍ قرا الكوفيون بالتنوين على التميز من النسبة والباقون بالاضافة مَنْ نَشاءُ بالعلم كما رفعنا درجة يوسف على اخوته- قرا يعقوب يرفع ويشاء بالياء فيهما على الغيبة وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ من الخلق عَلِيمٌ (76) وهو الله تعالى إذ معنى العليم لغة الّذي له العلم البالغ- او المعنى فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ من الخلق عليم منهم وان كان التفوّق من وجه دون وجه- كما قال خضر لموسى عليهما السلام يا موسى