[سورة هود (11) : آية 118]

بقيّت الله خير لّكم- والبقيت الصّلحت خير- وقيل معناه أولوا بقية من الخير إذا كان على خصلة محمودة- ويجوز ان يكون مصدرا كالتقية- فى القاموس بقي يبقى بقاء وبقأ وبقيا يعنى ذو ابقاء على أنفسهم وصيانة لها من العذاب يَنْهَوْنَ الناس عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ ويأمرون بالمعروف إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ لكن قليلا منهم أنجيناهم- وهم اتباع الأنبياء كانوا ينهون عن الفساد- ويجوز ان يكون الاستثناء متصلا إذا جعل من النفي اللازم للتحضيض- ومن فى ممّن أنجينا للبيان لا للتبعيض وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا اى التاركون للنهى عن المنكر ما أُتْرِفُوا فِيهِ ما انعموا فيه من الشهوات- فاهتموا بتحصيل أسبابها واعرضوا عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر- وقال مقاتل بن حبان ما حولوا- وقال الفراء ما عودوا وجملة واتبع معطوف على فعل مقدر اى الا قليلا- ممن أنجينا منهم نهوا عن الفساد واتبع الذين ظلموا شهواتهم وَكانُوا مُجْرِمِينَ (116) كافرين

وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ اللام لتأكيد النفي وان المصدرية مقدرة يعنى ما كان صفة ربك إهلاك الْقُرى او ما كان ربك مهلكها بِظُلْمٍ حال من ضمير الفاعل فى يهلك اى ما كان الله مهلكهم ظالما لهم وَأَهْلُها قوم مُصْلِحُونَ (117) مسلمون تنزيه لذاته تعالى عن الظلم- وقيل الظلم الشرك والمعنى وما كان الله مهلك القرى بسبب شركهم فى حال يكون أهلها مصلحون فيما بينهم يتعاطون الانصاف ولا يظلم بعضهم بعضا- اخرج الطبراني وابو الشيخ عن جرير بن عبد الله قال لما نزلت هذه الاية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهلها ينصف بعضهم بعضا- وذلك لفرط رحمة ومسامحة فى حقوقه ولذلك قدم الفقهاء عند تزاحم الحقوق حقوق العباد- ومن هاهنا قيل الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم-

وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ كلهم أُمَّةً واحِدَةً مسلمين صالحين وهو دليل ظاهر على ان الأمر غير الارادة- وانه تعالى لم يرد الايمان من كل واحد وان ما أراد يجب وقوعه وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) عن الحق تاركيه «1» الى الباطل على أنحاء شتى- فمنهم يهودى ونصرانى ومجوسى ووثنى- ومنهم جبرى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015