حتّى يسقط فيلقونه فى لبدو يبقونه فى بيت يزعمون انه قد مات فيخرج فى اليوم الثاني ويدعوهم الى الله سبحانه وتعالى- وروى ان شيخا منهم كان يتوكا على عصا ومعه ابنه فقال يا بنى لا يغرنك هذا الشيخ المجنون فقال يا أبت أمكنني من العصا فاخذ العصا من أبيه حتّى شج شجة منكرة فاوحى الله تعالى اليه ما ذكر فى كتابه.
وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ افتعال من البؤس وهو الحزن ومعناه لا تحزن بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (36) من التكذيب والإيذاء- اقنطه الله من ايمانهم حتّى لا يتعب نفسه فى دعوتهم ونهاه ان يغتم حيث وعده بانى مهلكهم ومنقذك منهم- فحينئذ دعا نوح عليهم بقوله رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً- وحكى محمّد بن إسحاق عن عبيد ابن عمير الليثي انه بلغه انهم كانوا يبطشون بنوح فيخنقونه حتّى يغشى عليه وإذا أفاق قال رب اغفر لقومى فانهم لا يعلمون- حتّى إذا عادوا فى المعصية واشتد عليه منهم البلاء انتظر النجل بعد النجل- فلا يأتى قرن الا أخبث من الّذي قبله- حتّى كان الاخر منهم ليقولون قد كان هذا مع ابائنا وأجدادنا هكذا مجنونا لا يقبلون منه شيئا- فشكى الى الله عز وجل وقال رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهاراً حتّى قال رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً فاوحى الله اليه.
وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا حال اى متلبسا بأعيننا- قال ابن عباس بمراء منا- وقال مقاتل بعلمنا- وقيل بحفظنا- عبر عن المبالغة فى الحفظ بالأعين لكونها اكثر آلات الحفظ والمراعات عن الاختلال من سائر الحواس وَوَحْيِنا إليك كيف تصنع او بامرنا بصنعه وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا يعنى لا تدعنى باستدفاع العذاب عنهم إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37) بالطوفان حكمت عليهم فى الأزل بالاغراق فلا سبيل الى كفّه- قال البغوي فى القصة ان جبرئيل عليه السلام اتى نوحا- فقال ان ربك يأمرك ان تصنع الفلك- قال كيف اصنع ولست بنجار- فقال ان ربك يقول اصنع فانك بعيني فاخذ القدوم وجعل يصنع ولا يخطئ- وقيل اوحى اليه ان يصنعها مثل جوء جوء الطائر.
وَيَصْنَعُ نوح الْفُلْكَ حكاية حال ماضية- قال البغوي اقبل نوح على عمل الفلك ولهى عن قومه- واعقم الله أرحام نسائهم فلم يولد لهم ولد- وجعل نوح يقطع الخشب ويضرب الحديد