أَفَلا تَذَكَّرُونَ (24) اى تتعظون بضرب الأمثال والتأمل فيها- فيه أدغمت التاء فى الذال-
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي قرا ابن كثير وابو عمرو والكسائي بفتح الهمزة اى بانّى والمعنى أرسلناه متلبسا «1» بهذا الكلام وهو قوله إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ بالكسر فلما اتصل به الجار فتح كما فتح كانّى والمعنى على الكسر- والباقون بالكسر اى فقال انّى لان فى الإرسال معنى القول مُبِينٌ (25) ابيّن لكم موجبات العذاب والثواب
أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ بدل من انّى لكم او مفعول مبين ويجوز ان يكون مفسرة متعلقة بأرسلنا او بنذير إِنِّي قرا نافع وابن كثير وابو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) ان تشركوا به شيئا- واليم بمعنى مؤلم فى الحقيقة صفة للمعذب يوصف به العذاب وزمانه على طريقة جدّ جدّه ونهارك صائم للمبالغة
فَقالَ الْمَلَأُ يعنى الاشراف والرؤساء لانهم يملؤن القلوب هيبة والمجالس ابهة الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ يا نوح إِلَّا بَشَراً آدميّا مِثْلَنا لا مزية لك علينا حتّى تكون نبيّا واجب الطاعة- كانهم أرادوا ان يكون ملكا او ملكا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا اى سفلتنا والرذل الدون من كل شيء وجمعه أرذل ثم جمع على اراذل مثل كلب وأكلب وأكالب لانه بالغلبة صار مثل الاسم قال عكرمة يعنى الحاكة والاساكفة بادِيَ الرَّأْيِ الرأى النظر بالعين والقلب. وايضا الرأى الاعتقاد كذا فى القاموس- وبادى الرأى معناه ظاهر النظر من غير تعمق من البدو- او أول الرأى من البدء- والياء مبدلة من الهمزة لانكسار ما قبلها- وقرا ابو عمرو بهمزة مفتوحة بعد الدال والباقون بالياء- وانتصابه بالظرف على حذف المضاف اى وقت حدوث بادى الرأى- والعامل فيه اتّبعك وانما استرذلوه لذلك او لفقرهم فانهم لمّا لم يعلموا الا ظاهرا من الحيوة الدنيا كان ذا حظ بها اشرف عندهم والمحروم فيها أرذل وَما نَرى لَكُمْ يا نوح مع من تبعك عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فى مال او غير ذلك يوهلكم للنبوة واستحقاق المتابعة بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ (27) أنت فى دعوى النبوة واتباعك فى دعوى العلم بصدقك فغلّب المخاطبين على الغائبين
قالَ نوح يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ أخبروني إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي حجة واضحة شاهدة بصحة دعوى وَآتانِي رَحْمَةً اى بينة او هدى ونبوة مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ