دل عليه السياق يعنى ان كنتم مستسلمين لقضاء الله مخلصين له توكلتم عليه- وليس هذا من تعليق الحكم بشرطين بل المعلق بالايمان وجوب التوكل فانه المقتضى له- والمشروط بالإسلام حصوله فان التوكل على الله لا يحصل ما لم يسلموا نفوسهم لله اى يجعلوها له سالمة خالصة بحيث لا يكون حظ للهوى ولا للشيطان فيها- لان التوكل لا يحصل مع التخليط وهو من مقامات الصوفية.
فَقالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا فانهم كانوا مخلصين أصحابا لرسول رب العالمين على نبينا وعليه الصلاة والسلام- ثم دعوا ربهم وقالوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً اى موضع فتنة وعذاب لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) اى لا تسلطهم علينا فيفتنوننا ويعذبوننا- او المعنى لا تجعلنا سببا لزيادة طغيانهم وكفرهم بان تعذبنا بعذاب من عندك او بايدى قوم فرعون فيقول قوم فرعون لو كان هؤلاء على الحق ما عذبوا وظنوا انهم خير منا.
وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (86) من كيدهم وشوم مشاهدتهم وفى تقديم التوكل على الدعاء تنبيه على ان الداعي ينبغى ان يتوكل اولا ليجاب دعوته قلت بل على ان التوكل من صفات اللازمة للصوفى والدعاء من عوارضه-.
وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ هارون أَنْ تَبُوءَ اى تتخذا مباة ومرجعا من غيرها من الأماكن إليها للسكنى والعبادة لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً قال البغوي قال اكثر المفسرين كانت بنوا إسرائيل لا يصلون الا فى كنائسهم وبيعهم وكانت ظاهرة فلما أرسل موسى امر فرعون بتخريبها ومنعهم من الصلاة فيها فامرهم الله ان يتخذوا مساجد فى بيوتهم ويصلّوا فيها خوفا من ال فرعون هذا قول ابراهيم النخعي وعكرمة عن ابن عباس- وقال مجاهد خاف موسى ومن معه من فرعون فى الكنائس الجامعة فامروا ان يجعلوا فى بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة يصلون فيها سرّا وَاجْعَلُوا أنتما وقومكما بُيُوتَكُمْ الّتي تبوأتما لهم قِبْلَةً يعنى مصلّى متوجهة نحو القبلة يعنى الكعبة- روى ابن جريج عن ابن عباس قال كانت الكعبة قبلة موسى ومن معه وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ فيها أمروا بذلك أول أمرهم لئلا يظهر عليهم الكفرة فيوذوهم وَبَشِّرِ يا موسى الْمُؤْمِنِينَ (87) ان يهلك الله عدوكم ويستخلفكم فى الأرض فى الدنيا- ويورثكم الجنة فى العقبى- شنّى الضمير اولا لان التبوء