وهذا معنى ما قال البغوي ليس بجزاء محض ولو كان جزاء لم يدخل فيه النون لكنه نهى وفيه طرف من الجزاء كقوله تعالى يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده تقديره واتقوا فتنة ان لم تتقوها أصابتكم خاصة فلا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ومثله ادخلوا مساكنكم ان لم تدخلوها يحطمنكم سليمان وجنوده والله اعلم وليس قوله تعالى لا تصيبن جوابا للامر لان المعنى حينئذ اتقوا فتنة ان تتقوها لا يصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وليس المعنى ان تتقوها لا يصيبنكم إذ نفي المقيد يرجع الى القيد فالمعنى بل يعمكم وغيركم وفساده ظاهر قال البيضاوي جواب للامر على معنى ان أصابتكم لا تصيب الظالمين منكم خاصة قلت لا بد في جواب الأمر من تقدير شرط ماخوذ من الأمر كما في قول القائل اسلم تدخل الجنة يعنى ان تسلم تدخل الجنة وقوله تعالى ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم يعنى ان تدخلوا لا يحطمنكم فتقدير ان أصابتكم لا يتصور إن كان جوابا للامر بل يكون الشرطية صفة لفتنة ويؤل التأويل الى ما ذكرنا او لا وايضا لا يجوز ان يكون قوله تعالى لا تصيبن الذين ظلموا جواب قسم محذوف ويكون تقدير الكلام اتقوا فتنة والله لا يصيبن الفتنة الذين ظلموا منكم خاصة بل يعمكم لان الفتنة المامورة بالاتقاء عنها على هذا فتنة منكرة والنكرة إذا أضمرت في قوله تعالى لا تصيبن صارت عامة فيلزم عموم وبال كل معصية الظالم وغيره وفساده ظاهر لانه خلاف الإجماع وخلاف منطوق قوله تعالى لا تزر وازرة وزر اخرى اللهم الا ان يقال المراد بالفتنة ما ذكرنا من ترك الجهاد والفرار من الزحف بقرينة السياق والمراد باصابتها إصابة وبالها في الدنيا والله اعلم وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (25) فاحذروا عقابه بالاتقاء من الفتنة.
وَاذْكُرُوا ايها المهاجرون إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ في العدد مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ ارض مكة تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ يعنى كفار قريش وأخرج ابو الشيخ عن ابن عباس قيل يا رسول الله من الناس قال اهل فارس فَآواكُمْ المدينة وَأَيَّدَكُمْ يوم بدر بِنَصْرِهِ على الكفار وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ