[سورة الأعراف (7) : آية 178]

الحقيقي هو المشية وان ما نشاهده من الأسباب وسائط معتبرة فى حصول المسبب من حيث ان المشية تعلقت به كذلك وكان من حقه ان يقول ولكنه اعرض عنها فاوقع موقعه اخلد الى الأرض واتبع هواه مبالغة وتنبيها على ما حمله عليه وعلى ان حب الدنيا راس كل خطيئة وهذا حديث مرفوع رواه البيهقي عن الحسن مرسلا فَمَثَلُهُ اى صفته التي هى مثل فى الخسة كَمَثَلِ كصفة الْكَلْبِ فى اخس أحواله وهو إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ اى يخرج لسانه من العطش او من التعب والاعياء يعنى يلهث دائما سواء حمل عليه بالزجر والطرد او ترك ولم يتعرض له لضعف فواده بخلاف سائر الحيوانات فانه لا يلهث شىء منها الا إذا حرك واعيا او عطش والشرطية فى موضع الحال والمعنى لاهثا فى الحالين ذليلا دائم الذلة قال مجاهد هو مثل الذي يقرأ القران ولا يعمل به والمعنى ان هذا الكافران زجرته ووعظته لم ينزجر وان تركته لم يهتد فهو ضال ابدا ذليل مثل ذلة الكلب لاهتا ابدا نظير هذه الاية فى المعنى قوله تعالى وان تدعوهم الى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامعون ثم عم لهذا التمثيل جميع من كذب بايات الله تعالى فقال ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا من اليهود حيث قرأوا نعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فى التورية وبشروا الناس باقتراب مبعثه فلما جاءتهم واظهر المعجزات وقرأ القران المعجز وعرفوه كما يعرفون أبنائهم انسلخوا من آيات التورية وكفروا بمحمد صلى الله عليه واله وسلم وصاروا أذلاء كالكلب لاهثا لم ينفعهم الزواجر والمواعظ التي فى التورية فَاقْصُصِ الْقَصَصَ المذكورة على اليهود فانها نحو قصصهم لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ تفكرا يؤدى بهم الى الاتعاظ فيحذرون مثل عاقبته إذا ساروا نحو سيرته وقيل هذا مثال الكفار مكة وذلك انهم كانوا يتمنون هاديا يهديهم ويدعوهم الى طاعة الله عز وجل فلما جاء بهم نبى لا يشكون فى صدقه كذبوه فلم يهتدوا وادعوا او تركوا.

ساءَ فاعله مضمر تميزه مَثَلًا الْقَوْمُ اى مثل القوم حذف المضاف واعراب المضاف اليه إعرابه الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ معطوف على كذبوا داخل فى الصلة يعنى الذين كذبوا وظلموا أنفسهم او منقطع عما سبق والمعنى وما يظلمون الا أنفسهم فان وباله لا يتخطاها ولذلك قدم المفعول.

مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي أفرد حملا على لفظة من وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ أورد لفظ الجمع حملا على المعنى فيه تصريح بان الهدى والضلال من الله تعالى وان هداية الله تعالى يختص ببعض دون بعض وانها مستلزمة للاهتداء وليس معنى الهدى من الله البيان كما قالت المعتزلة وفى افراد لفظ المهتدى وجمع الخاسرين تنبيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015