195 - 194. قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)}.
في هذه الآيات: احتجاج من الله سبحانه على سائر خلقه، أنه الخالق البارئ المدبر لهذا الكون المصرف ليله ونهاره، وسماءه وأرضه، وجباله وبحاره، ومياهه وأنهاره، فكل ما في هذا الكون من آيات تدعو لتوحيده وتعظيمه لا شريك له وهو العلي العظيم. وثناء منه تعالى على المؤمنين في حسن توسلهم ودعائهم وإخباتهم لربهم الكريم.
قال ابن جرير: (قال جلّ ثناؤه: تدبروا أيها الناس واعتبروا، ففيما أنشأته فخلقته من السماوات والأرض لمعاشكم وأقواتكم وأرزاقكم، وفيما عقبت بينه من الليل والنهار فجعلتهما يختلفان ويعتقبان عليكم، تتصرفون في هذا لمعاشكم، وتسكنون في هذا راحة لأجسادكم، معتبرٌ ومدَّكر وآيات وعظات).
وقوله: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}. هو من نعت أولي الألباب ووصف حالهم، فهم يتقلبون في أحوالهم المختلفة ويذكرون ربهم لا يغفلون عنه.
قال ابن جريج: (هو ذكر الله في الصلاة وفي غير الصلاة، وقراءة القرآن). وقال قتادة: (وهذه حالاتك كلها يا ابن آدم، فاذكره وأنت على جنبك، يُسرًا من الله وتخفيفًا). وخلاصة المعنى لهؤلاء الذاكرين أولي الألباب كما قال ابن جرير - شيخ المفسرين -: (يعني بذلك قيامًا في صلاتهم، وقعودًا في تشهدهم وفي غير صلاتهم، وعلى جنوبهم نيامًا).
وفي صحيح البخاري وسنن أبي داود وابن ماجة والترمذي عن عِمران بن حُصين: