يحمدوا بما لم يفعلوا، فنزلت: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}] (?).
وقال البخاري: حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام أن ابن جريج أخبرهم عن ابن أبي مليكة أن علقمة بن وقاص أخبره: [أن مروان قال لبوابه: اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل له: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحبّ أن يحمد بما لم يفعل معذبًا لنعذبنّ أجمعون. فقال ابن عباس: ما لك ولهذه الآية: إنما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - يهودًا وسألهم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه عنه فيما سألهم وفرحوا بما أَتَوْا من كتمانهم ثم قرأ ابن عباس: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} كذلك حتى قوله: {يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}] (?).
وأخرج أحاكم والطبراني بسند حسن عن محمد بن ثابت الأنصاري: [أن ثابت بن قيس الأنصاري قال: يا رسول الله، والله لقد خشيتُ أن أكون هلكت. قال: ولم؟ قال: نهى الله المرء أن يُحِبَّ أن يُحْمَدَ بما لم يفعل. وأجدني أحِبُّ الحمدَ، ونهى الله عن الخيلاء وأجدني أحبُّ الجمال، ونهى الله أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا امرؤ جهير الصوت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما ترضى أن تعيش حميدًا، وتقتل شهيدًا، وتدخل الجنة؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: فعاش حميدًا، وقُتل شهيدًا يوم مسيلمة الكذاب] (?).
وقوله: {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ}. قال ابن زيد: (بمنجاة من العذاب).
وقوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. أي: موجع مهين، مع ما لهم من الخزي في الحياة الدنيا.
وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
ردّ على الذين قالوا: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} وتكذيب لهم، فكل هذا الكون ملك له سبحانه، والسماوات والأرض وما فيهن تحت أمره، وهو القادر على إهلاك من عاند وطعى وتجبّر متى شاء، فهو الجبار المتكبر وحده لا شريك له.