جديدة، ولدخول ساحة الموت مرة أخرى، فأثنى الله سبحانه في كتابه على صدقهم، وجمال مبادرتهم، وعظيم استجابتهم رغم القرح وشدة التعب والجراح.

قال ابن هشام: (حدثنا أبو عبيدة: أن أبا سفيان بن حرب لما انصرف يوم أُحد، أراد الرجوع إلى المدينة، ليستأصل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهم صَفوان بن أمية بن خلف: لا تفعلوا فإن القوم قد حَرَبوا - أي غضبوا - وقد خشينا أن يكون لهم قتال غير الذي كان، فارجعوا، فرجعوا - وفي رواية: فارجعوا والدولة لكم فإني لا آمن إن رجعتم أن تكون الدولة عليكم).

فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بحمراء الأسد، حين بلغه أنهم همّوا بالرَّجعة: "والذي نفسي بيده، لقد سُوِّمت (?) لهم حجارةٌ، لو صُبِّحوا بها لكانوا كأمس الذاهب".

فأثنى الله بذلك على المؤمنين الذين استجابوا لله وللرسول رغم القرح والألم، ومَدَحَهم في قرآن يتلى على ألسنة الأجيال إلى يوم القيامة, فيه ذكر عطر لاستئنافهم مبادرة صفحة جديدة من القتال رغم تخويف الناس لهم، وقولهم: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.

وفي صحيح البخاري عن ابن عباس: [{حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قالها إبراهيم عليه السلام حين أُلقي في النار، وقالها محمد - صلى الله عليه وسلم - حين قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}] (?).

وقوله: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}.

قال مجاهد: (والفضل ما أصابوا من التجارة والأجر). وقال ابن جريج: ({لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} قال: قتل).

وقوله: {وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ}. قال ابن جريج: (طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -).

وقوله: {وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}. قال ابن إسحاق: (لما صرف عنهم من لقاء عدوهم).

وقوله: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَ}. قال مجاهد: (يخوف المؤمنين بالكفار). وقال ابن عباس: (الشيطان يخوف المؤمنين بأوليائه).

وقال السدي: (يعظم أولياءه في صدوركم فتخافونهم).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015