وقوله: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. قال ابن إسحاق: (أي: إن الله على كل ما أراد بعباده من نقمة أو عفو، قدير).

وقوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ}. أي: ما أصابكم يوم أحد من قتل وجراح فهو بقضائه سبحانه وقدره فيكم، وليميّز أهل الإيمان والصدق من أهل الكذب والنفاق.

وقوله: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا}.

المراد: عبد الله بن أبي بن سلول المنافق وأصحابه الذين تخاذلوا ورجعوا، فقال لهم المسلمون: تعالوا قاتلوا المشركين معنا، أو ادفعوا بتكثيركم سوادنا.

وقوله: {قَالوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ}.

يروي ابن إسحاق بإسناد مرسل أن عبد الله بن عمرو بن حرام اتبعهم وهو يقول: (يا قوم، أُذكِّركم الله ألا تخذلوا قومَكم ونبيّكم عندما حضر من عدوهم). فقالوا: (لو نعلم أنكم تقاتلون لما أسْلمناكم ولكنا لا نرى أنه يكون قتال).

فاحتجوا بما حكته الآية الكريمة عنهم، وقد أظهر الله ما أبطنوه من الجبن والهلع والخوف من خوض القتال في سبيل الله، فعند ذلك قال لهم عبد الله بن عمرو بن حرام، لما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف: (أبعدكم الله أعداءَ الله، فسيغْني الله عنكم نَبِيَّهُ) (?).

وقوله: {الَّذِينَ قَالوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}.

المقصود: عبد الله بن أبي المنافق وأصحابه يقولون: لو أطاعنا من قتل بأحد من إخواننا وعشائرنا ما قتلوا هنالك. قال مجاهد، عن جابر بن عبد الله: (نزلت هذه الآية في عبد الله بن أُبيّ بن سلول وأصحابه). فأجابهم الله بقوله: {قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أي: قل لهم يا محمد، إن استطعتم أن تردوا الموت الذي لا محالة سينالكم فردّوه إن كنتم صادقين. قال ابن إسحاق: (أي: إنه لا بد من الموت، فإن استطعتم أن تدفعوه عن أنفسكم فافعلوا. وذلك أنهم إنما نافقوا وتركوا الجهاد في سبيل الله، حرصًا على البقاء في الدنيا، وفرارًا من الموت).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015