تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ}. والمعنى: فبنقضهم ميثاقهم. هذا في المعرفة. وقال تعالى: {عَمَّا قَلِيلٍ}. والمعنى: عن قليل. وهذا في النكرة.

والمقصود: برحمة الله، يا محمد، بك وبمن آمن بك، سهلت أخلاقك ولان جانبك وحسنت طبائعك. وهذا كقوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128].

وفي المسند للإمام أحمد بسند حسن عن أبي أمامة قال: [أخذ بيدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا أبا أمامة، إن من المؤمنين من يلين له قلبي] (?).

وقوله: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}.

المعنى: لو كنت قاسي القلب شديد الطباع سيِّئ الكلام لتركوك ولم يتبعوك، ولكن الله جمع لك من صفات الرفق واللين حتى كنت مضرب المثل بين قومك في حسن الخلق وجمال الطباع ومحاسن العادات. قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.

وفي صحيح البخاري عن حديث عبد الله بن عمرو. - يحكي عن صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - في التوراة -: [والله إنه لموصوف ببعض صفته في القرآن] {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر] (?).

وأخرج الحاكم بسند صحيح عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [مكتوب في الإنجيل: لا فظٌّ، ولا غليظ، ولا سَخَّابٌ بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة مثلها، بل يعفو ويصفح] (?).

وقوله: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}.

قال ابن إسحاق: {فَاعْفُ عَنْهُمْ}، أي: فتجاوز عنهم, {وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ}، ذنوبَ من قارف من أهل الإيمان منهم).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015