يعني: أنهم يقولون ذلك، كي يجعل الله قولهم ذلك حزنًا في قلوبهم وغمًّا، ويجهلون أن ذلك إلى الله جل ثناؤه وبيده). وقيل: المعنى لا تصدقوهم ولا تلتفتوا لهم، فكان ذلك حسرة في قلوبهم. وقيل: {لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ} أي: يوم القيامة لما هم فيه من الخزي والندامة، ولما فيه المسلمون من النعيم والكرامة.

وقوله: {وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ}. أي: يقدر على أن يحيي من يخرج إلى القتال، ويميت من أقام في أهله. ومنه قول خالد بن الوليد عند موته: (ما فيّ موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة، وها أنا ذا أموت كما يموت العير، فلا نامت أعين الجبناء).

وجاء في سير أعلام النبلاء عن عاصم بن بهدلة: عن أبي وائل قال: (لما حضرت خالدًا الوفاة، قال: لقد طلبت القتل مظانَّهُ فلم يُقدَّر لي إلا أن أموت على فراشي. وما من عملي شيء أرجى عندي بعد التوحيد مِن ليلة بتُّها وأنا متترس، والسماء تهلّني ننتظر الصبح حتى نُغير على الكفار. ثم قال: إذا متُّ، فانظروا إلى سلاحي وفرسي، فاجعلوه عدة في سبيل الله. فلما توفي، خرج عمر على جنازته، فذكر قوله: ما على آل الوليد أن يَسْفحْنَ على خالد من دموعهن ما لم يكن نَقْعًا أو لَقْلَقَةٌ (?)) (?).

وقوله: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}. قال القاسمي: (تهديد للمؤمنين في مماثلة من ذكر).

وقوله تعالى: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}. إخبار من الله سبحانه أن القتل في سبيله والموت في مرضاته وحيث الدفاع عن دينه خير من جميع هذه الدنيا وزينتها، وهو السبيل الأمثل إلى نيل مغفرته ورحمته ورضوانه.

وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: [مِنْ خير معاشِ الناس لهم، رجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فرَسِهِ في سبيل الله، يطير على مَتْنِه، كُلَّما سمعَ هَيْعَةً أو فَزْعَةً طار عليه، يبتغي القتل والموت مظانَّه .. ] الحديث (?).

وقوله: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ}.

قال القرطبي: (وَعْظٌ. وعظهم الله بهذا القول، أي لا تَفِرّوا من القتال ومما أمركم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015