ثم قال سبحانه: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}.

المعنى: أكثر الأنبياء من قبل قاتل معهم أتباعهم وحواريوهم وجنودهم، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا وما استكانوا بل كانوا من الصابرين، فتأسوا بهم وبمنهاجهم.

والربيون: هم من يعبدون الربّ واحدهم ربِّي، ذكره نحويو البصرة، وأما نحويو الكوفة فقالوا: هم العلماء والألوف، وأما أهل التفسير فقد ذكروا أكثر من معنى:

الأول: الربيون هم الجموع. قال ابن عباس: (ربيون كثير: جموع كثيرة).

الثاني: الربيون هم العلماء. قال ابن عباس أيضًا: (ربيون كثير: علماء كثير).

الثالث: الربيون هم الفقهاء. قال الحسن: (فقهاء علماء).

الرابع: الربيون هم الأتقياء الصابرون. قال ابن المبارك: (أتقياء صُبُر).

الخامس: الربيون هم الأتباع. ذكره ابن جرير.

وجملة القول: إن كثيرًا من الرسل قاتلوا في سبيل الله، وقاتل معهم أتباعهم، من الأتقياء والصابرين والفقهاء والعلماء والجموع الكثيرة المؤمنة، فما عجزوا ولا نكلوا عن جهاد أعدائهم، وما انهزموا حين أصابهم الألم والقتل، بل ثبتوا أثناء القتال وما فروا من عدوهم، فهؤلاء هم الأسوة لكم يا أصحاب محمد من بين الأمم.

وقوله: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا}. قال ابن عباس: (خطايانا). وقال مجاهد: {وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا}، خطايانا وظلمنا أنفسنا).

وقوله: {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا}. أي: عند لقاء عدونا. {وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}: أي وانصرنا على القوم الذين جحدوا وحدانيتك ونبوة نبيك، وارتضوا بتحكيم مناهج الأهواء والشهوات بدلًا من منهاج الحق.

وقوله: {فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا}. قال ابن جريج: (النصر والغنيمة). أي الظهور على عدوهم.

وقوله: {وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ}. أي رضوان الله ورحمته. قال ابن إسحاق: (الجنة وما أعدّ فيها).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015