وقوله: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ}. قال قتادة: (قد بدت البغضاء من أفواه المنافقين إلى إخوانهم من الكفار، من غشهم للإسلام وأهله، وبغضهم إياهم).
وقوله: {وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}. قال الربيع: (يقول: ما تكنُّ صدورهم أكبر مما قد أبدوا بألسنتهم).
ثم قال تعالى: {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ} أيها المؤمنون، {إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} عن الله مواعظه وأمره ونهيه ومواقع النفع لكم.
وقد حفلت السنة الصحيحة بالتحذير من بطانة السوء وتوضيح بعض معالم مفاهيم السياسة الشرعية والعلاقات الدولية. وفي ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [ما اسْتُخْلِفَ خليفةٌ إلا لهُ بطانتانِ: بِطانةٌ تأمُرُه بالخير وتحضُّهُ عليه، وبطانةٌ تأمُرُهُ بالشر وتحضُّه عليه، والمعصوم من عصم الله] (?).
الحديث الثاني: أخرج أبو داود بسند صحيح من حديث جرير بن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. قالوا: يا رسول الله، لم؟ قال: لا تراءى ناراهما] (?).
الحديث الثالث: أخرج أبو داود بسند صحيح عن سمرة بن جندب: [أما بعد، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من جامَعَ المُشْرِكَ، وسَكَنَ مَعَهُ، فإنه مثله] (?).
وقوله: "من جامع المشرك" أي: بحيث يصير أكيله وقعيده وشريبه، وقوله: "وسكن معه" أي في ديار الكفار، فإن كان للكفار وجود في ديار الإسلام، فالحكم يبقى كذلك، لا بد من الولاء والبراء.
أخرج ابن أبي حاتم، عن ابن الدهقانة قال: قيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: