قد سألتك أقلَّ من ذلك وأيسرَ فلم تفعل، فيُرَدّ إلى النار] (?).

وفي صحيح مسلم عن مسروقٍ، عن عائشةَ قالت: [قلتُ: يا رسول الله! ابْنُ جُدْعانَ كان في الجاهلية يَصِلُ الرحم، ويُطْعم المسكينَ، فهل ذاكَ نافِعُهُ؟ قال: لا ينْفَعُهُ، إنه لم يقل يَوْمًا: ربِّ اغفِرْ لي خطيئتي يومَ الدين] (?).

وقوله: {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}. إخبارٌ عن سوء المصير الذي ينتظر المرتدين عن دين الله العظيم، لقاء استهتارهم بما عَرَّفهم الله به من هديه الكريم، ومن ثَمَّ فلا نجاة لهم يومئذ وما لهم من قريب ولا حميم ولا صديق يُنْتظر منه النصر أو الاستنقاذ من المكروه والألم المحدق.

92. قوله تعالى: {لَنْ تَنَالوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)}.

في هذه الآية: إخبار من الله تعالى أن بلوغ الجنة منوطٌ بالإنفاق في سبيل الله من المال الطيب المحبَّب، وما ينفق المؤمنون من شيءٍ إلا وهو محفوظ لهم عن العليم الكريم.

يروي ابن جرير بسنده عن السدي قال: (أما البر فالجنة). وكذلك رواه عن عمرو بن ميمون. قال قتادة: (يقول: لن تنالوا برَّ ربكم حتى تنفقوا مما يعجبكم، ومما تَهْوَوْن من أموالكم).

وقوله: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}. قال سعيد عن قتادة: (يقول: محفوظ لكم ذلك، الله به عليمٌ، شاكرٌ له).

وقد حفلت السنة الصحيحة بذكر آفاق هذا المعنى العطر، في أحاديث:

الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك قال: [كان أبو طَلْحةَ أكثرَ الأنصار بالمدينةِ مالًا من نَخْلٍ، وكان أحبَّ أمواله إليه بَيْرُحاءُ، وكانَتْ مستقبلةَ المسجد، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُها ويشرَبُ من ماءٍ فيها طيّب. قال أنس رضي الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015