مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47)}.

في هذه الآيات: ظهورُ الساق علامة لسجود المؤمنين في المحشر لرب العالمين، وحرمان اللَّه تعالى المنافقين أن يكونوا مع الساجدين، واستدراج اللَّه لهم قبل ذلك في دار الدنيا حتى يحيط بهم كيده المتين.

فقوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ}.

أي: إنّ ذلك التكريم للمتقين في جنات النعيم، والانتقام من المجرمين بصلي الجحيم، هو يوم القيامة يوم تظهر كلمة السر بين المؤمنين وربهم، وهي "صفة الساق" للَّه العظيم، فيخرون له ساجدين، ويكشف اللَّه حينئذ المنافقين.

وفي ذلك أحاديث:

الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم وأكثر أهل السنن وأحمد وابن حبان عن عطاء بن يَسار، عن أبي سعيد الخُدري قال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: [يَكْشِفُ رَبُّنَا عن ساقِه، فَيَسْجُدُ له كُلُّ مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجُد في الدنيا رياءً وسُمعةً، فيذهب ليسجُدَ فيعودُ ظهرُه طبقًا واحدًا] (?).

الحديث الثاني: أخرج عبد اللَّه بن أحمد في "السنة" بسند صحيح عن ابن مسعود، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [يجمع اللَّه الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم أربعين سنة، شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون فصل القضاء، وينزل اللَّه في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي، ثم ينادي مناد: أيها الناس ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا أن يولي كل ناس ما كان يتولى ويعبد في الدنيا؟ أليس ذلك عدلًا من ربكم؟ قالوا: بلى فينطلقون، فيتمثل لهم أشباه ما كانوا يعبدون، فمنهم من ينطلق إلى الشمس، ومنهم من ينطلق إلى القمر، وإلى الأوثان، ويتمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى، ولمن كان يعبد عزيرًا شيطان عزير، ويبقى محمد وأمته، فيتمثل الرب عز وجل لهم فيأتيهم فيقول: ما لكم لا تنطلقون كما انطلق الناس؟ فيقولون: بيننا وبينه علامة فإذا رأيناه عرفناه، فيقول: ما هي؟ فيقولون:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015