فقد أخرج البخاري عن أنس رضي اللَّه عنه: [أن أهل مكة سألوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يريهم آية، فأراهم القمر شِقَّتَين حتى رأوا حراءً بينهما] (?).
وقد رواها الإمام البخاري أيضًا عن شاهد عيان وهو عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه حيث قال: [انشق القمر ونحن مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمِنى فقال: اشهدوا، فذهبت فرقة نحو الجبل] (?).
وقد بَيَّنَ الإمام الترمذي في جامعه ترافق ذلك مع نزول آية القمر، حيث روى عن أنس رضي اللَّه عنه قال: [سأل أهلُ مكة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- آية، فانشق القمر بمكة مرتين فنزلت: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} أي ذاهب] (?).
وكذلك فقد روى الترمذي وصفًا بديعًا للحدث عن ابن مسعود قال: [بينما نحن مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمنى، فانشق القمر فلقتين: فلقة من وراء الجبل، وفلقة دونه، فقال لنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اشهدوا" يعني: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}] (?).
وأخرج الطبراني بسند حسن عن عكرمة، عن ابن عباس قال: [كُسِفَ القمر على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالوا: سُحِرَ القَمَرُ. فنزلت: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} إلى قوله {مُسْتَمِرٌّ}] (?).
وقد أورده الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" وقال: (سنده جيد، وفيه أنه كسف تلك الليلة، فلعله حصل له انشقاق في ليلة كسوفه، ولهذا خفي أمره على كثير من أهل الأرض).
وقوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}.
أي: وإن يبصر هؤلاء المشركون دليلًا وحجَّة وبرهانًا ساطعًا لا يقرون بالحق ولا ينقادون له، بل يعرضون ويتكبرون ويتهمون ما رأوه بالسحر الذاهب المضمحل