وقد أخرج أبو داود بسند صحيح عن عائشة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إنَّ أطيبَ ما أكلَ الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه] (?).
وله شاهد في المسند وبعض السنن عنها بلفظ: [إنّ أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم].
ومن تلك الأعمال الصدقة والصيام والعتق ونحوه لأحاديث، منها:
أ- أخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي اللَّه عنها: [أنّ رجلًا قال: إنّ أمي افْتُلِتَت نفسُها -أي ماتت فجأة- ولم تُوص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجرٌ إن تصدّقت عنها ولي أجر؟ قال: نعم، فتصدق عنها] (?).
ب - أخرج مسلم في الصحيح عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه: [أنّ رجلًا قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنّ أبي مات وترك مالًا ولم يُوص، فهل يكفِّر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم] (?).
ج - أخرج أبو داود من حديث عبد اللَّه بن عمرو: [أنّ العاصَ بن وائل السَّهمي أوصى أنْ يُعْتَقَ عنه مئةُ رقبة، فأعتق ابنهُ هشام خمسين رقبة، وأراد ابنه عمرو أن يُعتق عنه الخمسين الباقية، قال: حتى أسأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه إنَّ أبي أوصى أن يُعتق عنه مئة رقبةٍ، وإنَّ هشامًا أعتق عنه خمسين، وبقيت عليه خمسون، أفأعتِقُ عنه؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إنّه لو كان مسلمًا فأعتقتم أو تصدَّقتم عنه، أو حَجَجْتُم عنه بلغه ذلك) وفي لفظ: (فلو كان أقَرَّ بالتوحيد فصُمت وتصدّقت عنه نفعه ذلك)] (?).
فائدة: كل الأحاديث تفيد أن الصدقة من الولد تلحق الوالدين بعد موتهما بدون وصية منهما، ويصل إليهما ثوابُها. قال الشوكاني: (فيخصَّص بهذه الأحاديث عمومُ قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}. ولكن ليس في أحاديث الباب إلا لحوق الصدقة من الولد، وقد ثبت أن ولد الإنسان من سعيه فلا حاجة إلى دعوى