ثناؤه في سورة النساء: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً}. وكقوله في سورة الأعراف: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا}.
وعن قتادة: (قوله: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} قال: يعني آدم، ثم خلق منها زوجها حواء، خلقها من ضِلع من أضلاعه). أي ليسكق إليها وليحصل التناسل فيخلق الله ما شاء من بني آدم.
وهنا فائدة لطيفة: فقد يقال كيف خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وإنما خلق ولد آدم من آدم وزوجته، ولا شك أن الوالدين قبل الولد؟
والجواب على ذلكَ من وجوه:
الوجه الأول: أن العرب تخبر عن فعلين لرجل وتورد الأول منهما في المعنى بعد "ثُمَّ" في خبر المتكلم بنحو قولك: (بلغني ما كان منكَ اليوم. ثم ما كان منك أمس أعجب).
الوجه الثاني: أن يكون المعنى: خلقكم من نفس وحدها ثم جعل منها زوجها.
ذكره والذي قبله الإمام الطبري.
الوجه الثالث: أي خلقكم من آدم عليه السلام فأودعكم في ظهره وصلبه ثم حصل خروجكم بالتناسل بعد أن خلق من ضلع من أبيكم أمّكم حواء.
الوجه الرابع: أن يكون المراد بثّ الذرية أمام آدم يوم أخرجها الله أمامهُ من ظهره وكلمهم قبلًا ألمست بربكم وعهد عليهم ألا يشركوا به شيئًا. ثم خلق زوجته حواء. واختاره ابن جرير.
قلت: لقد ساق ابن جرير أثرًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه زيادة: (وخلق بعد ذلكَ حواء من ضِلْعِ من أضلاعه) ما رأيتها في صحيح السنة، وأما الشق الأول فيؤيده من السنة الصحيحة أحاديث أخذ الميثاق. وبذلكَ يكون الوجه الثالث أقرب عندي إلى المعنى وهو من إلهامِ الله تعالى وتوفيقه، ويؤيده من الأدلةِ الصحيحة ما يلي:
الدليل الأول: يروي ابن أبي عاصم في كتاب السنة بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: [لما نزلت آية الدَّيْن قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أول من جحد آدم، إن الله تعالى لما