فله المدحُ كله، وله الثناءُ كله، وله الحمدُ كله، وله الكمال كله، ولا أحد يشاركهُ سبحانهُ في صفات الكمال والجلال والجمال {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ}.
وفي الصحيحين والمُسْنَدِ عن عبد الله بن مسعود رضي اللهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لا أحدَ أغيرُ من الله، ولذلكَ حرّمَ الفواحشَ، ما ظهر منها وما بطن، ولا أحدَ أحبُّ إليهِ المدحُ من الله، ولذلكَ مَدَحَ نفسهُ، ولا أحدَ أحبُّ إليهِ العذرُ من الله، من أجلِ ذلك أنزل الكتاب، وأرسل الرسلَ] (?).
وفي صحيح الحاكم عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [قال الله تعالى: الكِبرياءُ رِدائي، فمن نازعني في ردائي قَصَمْته] (?). وأصله في صحيح الإمام مسلم ولفظهُ: [قال الله تعالى: الكبرياءُ ردائي والعِزُّ إزاري، فمن نازعني في شيء منهُما عَذّبتُهُ] (?). ولهُ شاهد في مسند الإمام أحمد ولفظه: [قال اللهُ تعالى: الكبرياءُ ردائي، والعظمةُ إزاري، فمن نَازَعني واحدًا منهما قذفتهُ في النار].
وقوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ}. أي: فلهُ الخلق والأمرُ والتدبير سبحانهُ وهذا من صفات الربوبيةِ التي تقتضي وتستلزم من العباد إفرادهُ بالألوهيَّةِ كما قال جل ثناؤهُ: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (17) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 18]. ثم قال: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ}.
وعن ابن عباس قوله: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} قال: (يحمل الليل على النهار). وقال قتادة: (يغشى هذا هذا ويغشى هذا هذا). وقال مجاهد: (يدهوره). وقال السدي: (يجيء بالنهار ويذهب بالليل، ويجيء بالليل ويذهب بالنهار). وقال الضحاك: (أي يلقي هذا على هذا، وهذا على هذا). وبناء على ما سبق ففي الآية أكثر من تأويل: