نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160) فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (163) وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166) وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (167) لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (168) لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (169) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (170) وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179) سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)}.

في هذه الآيات: يحتج سبحانهُ على كفار قريش - بعدما ذكر أخبار الأمم الغابرة تسلية لنبيّه - صلى الله عليه وسلم - وتخفيفًا عليهِ مما يلقى من رؤوس مكة من العناد والكبر والتكذيب - وهم ينسبون لله بنات بأنهم الملائكة، ويختصون أنفسهم بالبنين من دونه سبحانه، فيختارون الأفضل لأنفسهم، وما يُعابُ في عرفهم الفاسد ينسبونه لله، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا. سلهم يا محمد هل شهدتم خلقهم كذلكَ؟ أم تفترون على الله الكذب، وتُعَلِّقون به الولد، وتعبدونه من دونه سبحانه؟ فهل لديكم بذلكَ برهانٌ تقوم به الحجة، أو كتابٌ اختصّ بكم فيه خبر صادق يدفع عنكم الشبهة، ومن ثمَّ تفترون على الله أبشع الكذب بأن له مع الجنّ مصاهرة ونسبة، تعالى سبحانهُ عما ينسبون له من الصفة، ولقد علمت الجنة أن من قالوا إن الملائكة بنات الله لمحضرون في العذاب يوم القيامةِ، إلا من أخلصهم الله من عبادهِ لرحمته وخلقهم لجنته.

قل لهم يا محمد: فإنكم أيها المشركون بالله وما تعبدون من الآلهة والأوثان والشهوات، ما أنتم بمضلين أحدا إلا من سبق في علم الله أنه صالي الجحيم، مبعدٌ من رحمة الله، ذائق الخزي والندامة يوم القيامةِ، وأما من نسبتم لهم كذبًا أنهم بناتُ الله، فهم الملائكةُ الكرام، كلٌّ لهُ مقام معلوم بين أهل السماء، ومنزلة في العبادةِ والطاعة منزهة عن الرياء، فمنهم قوم مسبحون لا يفترون، ومنهم قوم راكعون وساجدون، ومنهم قومٌ صافون قائمون لا يتزايلون، إلى الطاعة هم متلهفون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. أما مشركو قريش هؤلاء فهم كاذبون منافقون، فقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015