الثناء الحسن في الآخرين). قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: أمَنَةٌ من الله في الأرض لإبراهيم أن لا يذكر من بعده إلا بالجميل من الذكر).

وقال القرطبي: ({وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} أي على إبراهيم ثناء جميلًا في الأمم بعده، فما من أمة إلا تصلي عليه وتحبه).

التفسير الثاني: أي تركنا عليه أن يقال: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ}.

قال عكرمه: (هو السلام على إبراهيم أي سلامًا منا).

التفسير الثالث: قيل هو دعاء إبراهيم عليه السلام: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}.

التفسير الرابع: قيل بل هو سلامة له من آلافات، مثل: {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ}.

وجملة القول: أنَّ الله سبحانه قد أحيا في الأرض ذكر إبراهيم في قلوب الأمم عامة، والمؤمنين خاصة، فلا يناله أحد بسوء إحياة من الله لذكرى الصدق في الإيمان والإخلاص في اليقين والدفاع عن الحق وحراسته في الأرض، فصلوات الله وسلامه على إمام التوحيد إبراهيم، وعلى جميع المرسلين، وعلى نبينا محمد خاتم الأنبياء والرسل أجمعين.

وقوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ}.

فلقد استحق إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه - بحسن القيام لله وتعظيم أمره ووحيه ونبذ الأوثان وكسر الأصنام واحتقار كل ما يعبد من دون الله - حسن الثناء من الله جزاء إحسانه في مراقبة الله سبحانه وتعظيم شعائره. ثم استحق الإضافة إلى جميع المؤمنين الذين أعطوا العبودية لله حقها فاستحقوا الإضافة إلى الله تعالى.

وقوله تعالى: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ}.

قال قتادة: (بشر به بعد ذلك نبيًا، بعدما كان هذا من أمره لما جاد لله بنفسه). وقال ابن عباس: (بشر بنبوّته).

والسياق يدل أن الذبيح إسماعيل، فلما فداه الله وأدخل على إبراهيم وأهله السرور بذلك، زاده الله بشارة وسرورًا، أن بشره بنبوة أخرى في ذريته، وهي نبوة إسحاق وكان من الصالحين. وكان ذلك بعد قصة الذبح حيث عاد إبراهيم إلى بلاد كنعان فأتت البشرى من الملائكة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015