قال الحسن: (ما يقول الله {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} لذبيحته التي ذبح فقط، ولكنه الذَّبح على دينه، فتلك السنة إلى يوم القيامة، فاعلموا أن الذبيحة تدفع ميتة السوء فضحّوا عباد الله).

وخلاصة القول: أنَّ الله سبحانه قد أدخل السرور على قلب آل إبراهيم لما أخلص الخلة والمحبة لله، وأخلص اله الطاعة لله جل ثناؤه، ففداه بذبح هو كبش عظيم القدر عند الله، عظيم أجر ذبحه والتقرب إلى الله به، سنة الله في أمر أبوها إبراهيم إلى يوم القيامة.

أخرج الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، من طريق عثمان بن طلحة رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاه بعد دخوله الكعبة فقال له: [إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت، فنسيت أن آمرك أن تُخَمِّرهما فَخَمِّرْهما، فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيءٌ يلهي المصلي. وفي رواية: يُشغل المصلي] (?).

قال سفيان: (لم يزل قرنا الكبش معلقين في البيت حتى احترق البيت فاحترقا).

فشرع سبحانه وتعالى الأضحية إحياء لذكرى هذا الموقف من إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام، ذكرى التوحيد والصدق والأمانة إلى يوم القيامة.

والأضحية واجبة على الموسر، ذهب إلى ذلك أبو حنيفة رحمه الله، وبعض المالكية والليث والأوزاعي وربيعة الرأي.

والحجّة عندهم ما رواه الإمام أحمد في المسند بسند حسن عن أبي هريرة مرفوعًا: [من كان له سعة ولم يضحّ فلا يقربن مصلانا] (?).

ووجه الدلالة: أنَّه لما نهى من كان ذا سعة عن قربان المصلى إذا لم يضحّ دلّ هذا على أنه قد ترك واجبًا، فكأنه لا فائدة من التقرب مع ترك هذا الواجب. وفيه إشارة خفية إلى وجوب صلاة العيد في المصلى. كيف لا وإن هذا مؤيد بحديث أم عطية - في الصحيحين عنها - قالت: [أُمرنا أن نخرجَ العواتِقَ والحُيَّضَ في العيدين يشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزل الحيض المصلى] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015