الملائكة والثقلين يسلمون عليه عن آخرهم. {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}.

قال: علل مجازاته بتلك التكرمة السنية بأنه كان محسنًا {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ}. قال: ثم علل كونه محسنًا بأنه كان عبدًا مؤمنًا ليريك جلالة محل الإيمان وأنه القصارى من صفات المدح والتعظيم).

فجزاه الله أحسن الجزاء إذ أبقى ذكره عطرًا في الأرض، فهو الكريم سبحانه لا يضيع الإحسان لديه، وهو المؤمن جل ثناؤه لا يضيع الإيمان وأهله بين يديه، بل كما قال جل ثناؤه: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90]. فقمة الإيمان هي مرتبة الإحسان كما وصفها النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل عليه السلام حين قال له: أخبرني عن الإحسان؟ قال: [أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك].

وقوله تعالى: {ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ}. قال قتادة: (أنجاه الله ومن معه في السفينة وأغرق بقية قومه). فلم يبق إلا ذكرهم القبيح في الأرض، وكان سبب إغراقهم أن تأخروا عن الإيمان، وضيَّعوا العمر باللهو والشهوات والإجرام، ومحاولة الاستهزاء بالمؤمنين والنيل من أهل الإحسان.

قال القرطبي: (و {ثُمَّ} ليس للتراخي هاهنا، بل هو لتعديد النعم، كقوله: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [البلد: 16، 17]. أي ثم أخبركم أني قد أغرقت الآخرين، وهم الذين تأخروا عن الإيمان).

وقوله تعالى: ({وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ}. قال مجاهد: (على منهاج نوح وسنته).

وفي رواية: (على منهاجه وسنته). وقال ابن عباس والسدي: (أي من أهل دينه). وقيل: إن من شيعة محمد لإبراهيم - ذكره بعض أهل العربية -، وإن كان السياق يدل على الأول، فهو المذكور أولًا، إي إن إبراهيم مضى على منهاج نوح عليهما الصلاة والسلام.

وقوله تعالى: {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}. قال السدي: (من الشرك). أي قلب سليم من الشرك. قال مجاهد: (لا شك فيه). وعن هشام بن عروة قال: (كان أبي يقول لنا: يا بني لا تكونوا لعَّانين، الم تروا إلى إبراهيم لم يلعن شيئًا قط، فقال تعالى: {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}). وقال القاسمي: (أي أقبل إلى توحيده بقلب خالص من الشوائب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015