قلت: وإنما دفع موسى عليه السلام إلى تلك الرحلة الشاقة حرصه على جمع خصال الخير وسبقه إلى المعالي بين أهل زمانه.
فقد أخرج ابن حبان في صحيحه بإسناد حسن عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [سأل موسى ربّه عن ست خصال، كان يظن أنها له خالصة، والسابعة لم يكن موسى يحبُّها:
1 - قال يا رب! أي عبادك أتقى؟ قال: الذي يذكرُ ولا يَنْسى.
2 - قال: فأيُّ عبادك أهدى؟ قال: الذي يتبع الهدى.
3 - قال: فأيُّ عبادك أحكم؟ قال: الذي يحكم للناس كما يحكُمُ لنفسه.
4 - قال: فأيُّ عبادك أعلم؟ قال: الذي لا يشبع من العلم، يجمع عِلْمَ الناس إلى علمه.
5 - قال: فأيُّ عبادك أعزّ؟ قال: الذي إذا قَدَرَ غَفَر.
6 - قال: فأيُّ عبادك أغنى؟ قال: الذي يرضى بما يؤتى.
7 - قال: فأيُّ عبادك أفقر؟ قال: صاحب منقوص (?).
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ليس الغِنى عنْ ظَهْر، إنما الغنى غنى النفس، وإذا أراد الله بعبد خيرًا، جعل غناه في نفسه، وتُقاه في قلبه، وإذا أراد الله بعبد شرًا جعل فقره بين عينيه] (?).
وقوله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا}.
أي: فلما بلغ موسى وفتاه مجمع البحرين أضلا حوتهما الذي سلك في البحر مسلكًا. قال مجاهد: (يعني بالسرب: المسلك والمذهب، يَسْرب فيه: يذهب فيه ويسلكه).
قال ابن كثير: (وذلك أنه كان قد أُمِرَ بحمل حُوت مملوح معه، وقيل له: متى فقدت الحوت فهو ثَمَّة. فسارا حتى بلغا مجمع البحرين، وهنالك عين يقال لها: عين الحياة، فناما هنالك، وأصابَ الحوتَ من رَشَاش ذلك الماء، فاضطرب، وكان في