الحديث الثاني: أخرج الإمام أحمد في المسند، بسند صحيح، عن أبي عبيدة قال: [كانَ آخِرُ ما تكلمَ به أن قال: قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجدَ، لا يبقَيَنَّ دينان بأرض العرب] (?).
الحديث الثالث: أخرج الإمام مالك في الموطأ، والإمام أحمد في المسند، عن أبي هريرة مرفوعًا: [اللهم لا تجعل قبري وثنًا، لعن الله قومًا اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد] (?). هذا لفظ أحمد. ولفظ مالك: [اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد].
وقوله: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ}.
إخبار من الله تعالى عن اختلاف الناس في عِدّة أهل الكهف على ثلاثة أقوال. ويبدو من إشارة الآية ضعف القولين الأولين. قال قتادة: ({رَجْمًا بِالْغَيْبِ}: أي قذفًا بالغيب). أو قال: (قذفًا بالظن). والمراد محاولة للقول بلا علم قد يصيب وقد يخطئ.
وأما القول الثالث: {سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} فقد جاء الأثر عن ابن عباس في قوله: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ} قال: (أنا من القليل الذي استثنى الله عز وجل، كانوا سبعة) - وفي روايات ذلك أسانيد صحيحة إلى ابن عباس. وإنما الأحسن من كل هذا ما أرشد الله تعالى إليه بقوله: {فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا} إذ العبرة بمعاني القصة ومنهاجها لا بِعدّة أصحابها وأسمائهم وصفاتهم.
وعن ابن زيد: ({فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ} قال: لا تمار في عدتهم). وعن مجاهد: ({إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا}: أي حسبك ما قصصنا عليك من شأنهم، {وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا} من يهود، قال: ولا تسأل يهود عن أمر أصحاب الكهف، إلا ما قد أخبرتك من أمرهم). وعن ابن عباس: ({وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا} قال: هم أهل الكتاب).
وقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}.