التي كان فيها {وَنَأَى بِجَانِبِهِ} يقول: وبعد منا بجانبه يعني نفسه، كأن لمْ يدعنا إلى ضرٍّ مسّه قبل ذلك).

وقوله: {وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا}. قال ابن عباس: (يقول: قنوطًا). وقال قتادة: (يقول: إذا مسه الشرّ أيسِ وقَنِط).

وفي التنزيل:

1 - قال تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10) إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [هود: 9 - 11].

2 - وقال تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [يونس: 12].

3 - وقال تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا} [الإسراء: 67].

يروي الطبراني ورجاله ثقات عن ابن عباس: [أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الكبائر؟ فقال: الشرك بالله، واليأس من رَوْح الله، والأمْنُ من مكر الله] (?).

وله شاهد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" عن ابن مسعود قال: [أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأسُ من رَوْح الله].

وقوله: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} - فيه أقوال متقاربة.

قال ابن عباس: (على ناحيته). وقال مجاهد: (على حِدَتِهِ وطبيعته). وقال قتادة: (على نِيَّتِه). وقال ابن زيد: (الشاكلة: الدين). أي: (على دينه). وقال مقاتل: (جِبلته).

وقوله: {فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا}. تهديد للمشركين ووعيدٌ لهم. قال القرطبي: (والمعنى: أن كل أحد يعمل على ما يشاكل أصله وأخلاقه التي ألفها، وهذا ذمٌّ للكافر ومدحٌ للمؤمن. {فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا} أي بالمؤمن والكافر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015