اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} غير باغ في أكله ولا عاد أن يتعدى حلالًا إلى حرام، وهو يجد عنه مندوحة). وقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. قال ابن جرير: (يقول: ذو ستر عليه أن يؤاخذه بأكله ذلك في حال الضرورة، رحيم به أن يعاقبه عليه).
وقوله: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}. قال ابن كثير: (نهى تعالى عن سلوك سبيل المشركين الذين حَلَّلوا وحرَّموا بمجرد ما وضعوه واصطلحوه عليه من الأسماء بآرائهم، من البحِيرة والسائِبة والوصيلةِ والحام، وغير ذلك مما كان شَرْعًا لهم ابتدعوه في جاهليّتهم. ثم قال: ويدخل في هذا كلُّ مُبْتَدِعٍ ابتدع بِدْعةً ليس له فيها مستند شرعي، أو حَلَّلَ شيئًا مما حرّمَ الله، أو حَرَّمَ شيئًا مما أباح الله، بمجرَّدِ رأيه وتشهِّيهِ).
وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. توعد أكيد، وتهديد شديد، لأولئك الذين يشرعون بأهوائهم متجاوزين حدود الله وشرعه وهدي رسوله، متاع زائل في الدنيا، وعذاب أليم في الآخرة.
وفي التنزيل:
1 - قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} [يونس: 69, 70].
2 - وقال تعالى: {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ} [لقمان: 24].
ومن صحيح كنوز السنة في آفاق معنى الآية أحاديث:
الحديث الأول: روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: [كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب احمرّت عيناه وعلا صوتُه واشتدَّ غضبُه، حتى كأنه منذرُ جيش يقول: صَبَّحكم ومسَّاكم. ويقول: بعثت أنا والساعة كهاتين. ويقرن بين أصبعيه، السبابة والوسطى، ويقول: أما بعدُ، فإن خيرَ الحديث كتاب الله وخيرَ الهدي هديُ محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكُلَّ بدعة ضلالة] (?).
الحديث الثاني: أخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: [من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ] (?).