وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ}.

أي: إن الذين لا يؤمنون بهذا القرآن إعراضًا عنه وكبرًا أن يفهموه ويُصْغوا إليه قد أقفل الله قلوبهم وتوعدهم بعذاب أليم. إنما يليق افتراء الكذب بمن لا يؤمن بآيات الله عنادًا واستكبارًا وأولئك هم الكاذبون. قال القرطبي: (قوله تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} هذا جواب وصفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالافتراء. {وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} هذا مبالغة في وصفهم بالكذب، أي كل كذب قليل بالنسبة إلى كذبهم).

وفي صحيح البخاري من حديث أبي سفيان بن حرب - لما سأل هرقل أبا سفيان عن صفات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [أفكنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال: لا. فقال هرقل: فما كان ليدَعَ الكذبَ على الناس ويذهبَ فيكذِبَ على الله، عز وجل] (?).

106 - 109. قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (109)}.

في هذه الآيات: استثناء المكره على الكفر من الوقوع في الكفر، ولكن من شرح بالكفر صدرًا لزمه تبعات الكفر وله عذاب عظيم. أولئك الذين استحبوا الدنيا على الآخرة والله لا يهدي القوم الكافرين. أولئك الذين ختم الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم مقابل إصرارهم فأصبحوا خاسرين.

فقوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015