أي: بل زين للكافرين افتراؤهم الكذب على الله وصدهم عن سبيله، ومن ثمّ فإن من أضلّه الله عن إصابة الحق وخذله عن الهدى فلا سبيل لهدايته.

وعن مجاهد: ({بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ}، قال: قولهم). يعني ما افتروه على الله من الشرك به والدعوة إلى الضلال والإلحاد.

وقرأ الكوفيون: {وصُدُّوا عن السبيل} بضم الصاد، أي وصدّهم الله عن سبيله بسبب تماديهم في الكفر والمكر. وأما قراء البصرة والحجاز فقرؤوه بالفتح: {وصَدّوا}، أي إنَّ المشركين لم يكتفوا بكفرهم بل صدوا الناس أيضًا عن سبيل الله - والقراءتان مشهورتان.

قال ابن جرير: (وقوله: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}، يقول تعالى ذكره: ومن أضَلَّهُ الله عن إصابة الحق والهدى بخذلانه إياه، فما له أحدٌ يهديه لإصابتهما، لأن ذلك لا يُنال إلا بتوفيق الله ومعونته).

وفي التنزيل:

1 - قال تعالى: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [المائدة: 41].

2 - وقال تعالى: {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [النحل: 37].

3 - وقال تعالى: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ} [غافر: 34].

وفي صحيح مسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عودًا عودًا، فأي قلب أُشربها نكتت فيه نكتةٌ سوداء، وأيّ قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى يصيرَ القلب أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مُرْبدًا كالكوز مُجَخِّيًا لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلا ما أشرب من هواه] (?).

وقوله تعالى: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ}. أي: لهؤلاء المشركين بالله الصادّين عن سبيله عذاب في الحياة الدنيا بالقتل والأسر والآفات، وما ينتظرهم من عذاب الآخرة أشد ثم لا ولي ولا شفيع ولا نصير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015