1 - أي: لا تزال البلايا والمصائب والقوارع تنزل بالكفار بسبب كفرهم وخُبْثِ أعمالهم، أو تنزل قريبًا منهم فيفزعون ويتطاير عليهم شررها حتى يأتي وعد الله بموتهم أو قيام الساعة.
2 - أي: لا يزال ينزل بكفار مكة من المصائب والقوارع نتيجة ما صنعوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيصيب المسلمون منهم ويختطفون منهم بإغارتهم على مواقعهم حول مكة ويغنمون ويأسرون، أو تحل أنت يا محمد قريبًا من دارهم بجيشك يوم الحديبية حتى يأتي وعد الله بفتح مكة ودخولك منتصرًا مُظفّرًا، وعد الله، ولا يخلف الله الميعاد.
قلت: والبيان الإلهي يحتمل التأويلين معًا، فكلاهما ضمن آفاق مفهوم الآية.
فعن ابن زيد: ({وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ}، قال: قارعة من العذاب). وعن قتادة قال: قال الحسن: ({أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ}، قال: أو تحل القارعة قريبًا من دارهم). وقوله: {حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ} - قال الحسن: (يوم القيامة).
وعن ابن عباس: (قوله: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ}، يقول: عذابٌ من السماء ينزل عليهم، {أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ}، يعني نزول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهم وقتاله إياهم). وعن سعيد بن جبير: {تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ}، قال سرية، {أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ}، قال: أنت يا محمد). وقال عكرمة عن ابن عباس: ({قَارِعَةٌ} - قال: السرايا).
وقال مجاهد: (سرية، أو قال: كتيبة). وقال: {حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ} - قال: فتح مكة).
وفي التنزيل: {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [إبراهيم: 47].
وقوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ}.
تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - عما يلقاه من تكذيب قومه، وسؤالهم الآيات تنطعًا واستهزاء وبطرًا.
يقول: إن لك بإخوتك الرسل من قبلك أسوة في صبرهم على أذى أقوامهم ومكرهم واستهزائهم، ثم بما آلت إليه أحوال المعاندين والمتكبرين بعد إمهالهم وتأجيلهم،