وأصل البشارة إظهار السرور في البشرة. قال الرازي: ("أبشر إبشارًا" أي سُرَّ. قال: والبشارة المطلقة لا تكون إلا بالخير، وإنما تكون بالشر إذا كانت مقيدة به كقوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}).
وقوله: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ}.
هو وصف للمؤمنين أصحاب تلك الصفقة ببعض مزاياهم ومحاسنهم.
{التَّائِبُونَ}، رُفِعَ على المدح أي هم التائبون، أو مبتدأ وخبر. وهم الراجعون عن الحالة المذمومة في معصية الله، إلى الحالة المحمودة، وهي موضع طاعته ورضاه سبحانه.
قال الحسن: (تابوا من الشرك، وبرئوا من النفاق).
وقال: (تابوا إلى الله من الذنوب كلها).
وأما قوله: {الْعَابِدُونَ}، قال ابن جرير: (فهم الذين ذلُّوا خشيةً لله وتواضعًا له، فجدُّوا في خدمته).
قال الحسن: (العابدون لربهم. عبدوا الله على أحايينهم كلها، في السراء والضراء).
وقال قتادة: ({الْعَابِدُونَ}، قوم أخذوا من أبدانهم في ليلهم ونهارهم).
والخلاصة: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ} - إنهم قوم اعترفوا بذنوبهم وتخلصوا منها بالتوبة وارتقوا بالعبادة فمدحهم الله تعالى بذلك.
وفي معجم الطبراني بسند حسن عن أبي سعيد الأنصاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [الندم توبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له] (?).
وأما قوله: {الْحَامِدُونَ}، فهم أهل الحمد على كل تقلبات أحوالهم في السراء والضراء.
قال قتادة: ({الْحَامِدُونَ}، قوم حمدوا الله على كل حال).