وقال قتادة: (فكان صاحبَه أبو بكر، وأما {الْغَارِ}، فجبل بمكة يقال له: ثور).
لقد حدد الوحي غار ثور منطلقًا للهجرة، وتم ضرب الموعد مع الدليل بذلك المكان، وكان خروج المصطفى - صلى الله عليه وسلم - والصديق رضي الله عنه للغار ليلًا، وقد حمل الصديق رضوان الله عليه ثروته كلها لتكون تحت تصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
يروي الحاكم بسند حسن من حديث أسماء: [أنها كانت خمسة آلاف أو ستة آلاف درهم] (?).
وقوله: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}، تطمين لأبي بكر رضي الله عنه من النبي - صلى الله عليه وسلم -
وفي الصحيحين والمسند من حديث أنس أن أبا بكر حديثه قال: [قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن في الغار: لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه! فقال: يا أبا بكر، ما ظنّك باثنين الله ثالثهما] (?).
وقوله: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا}.
أي: أنزل الله تعالى السكينة، وهي الطمأنينة والسكون، على رسوله، وقيل على أبي بكر، وقوّاه بجنود وهي الملائكة.
وقوله: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى}. قال ابن عباس: (وهي الشرك بالله).
وقوله: {وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا}. قال ابن عباس: (وهي: لا إله إلا الله).
قال ابن جرير: (قوله: {وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} يقول: ودين الله وتوحيده وقولُ لا إله إلا الله، وهي كلمته {الْعُلْيَا} على الشرك وأهله، الغالبة).
ثم قال جل ذكره: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
قال الحافظ ابن كثير: (والله {عَزِيزٌ} أي في انتقامه وانتصاره، منيع الجناب لا يضام من لاذ ببابه، واحتمى بالتمسك بخطابه، {حَكِيمٌ} في أقواله وأفعاله).