فإن اليهود مغضوب عليهم، وإن النصارى ضالون. قال: فقلت: إني حنيف مسلم، قال: فرأيت وجهه يَنْبسِطُ فرحًا] (?).
وأما قوله: {وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ}، قال ابن جرير: (فإن معناه: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم والمسيح ابن مريم أربابًا من دون الله).
وقال النسفي: ({اتَّخَذُوا} أي أهل الكتاب {أَحْبَارَهُمْ} علماءهم {وَرُهْبَانَهُمْ} نساكهم {أَرْبَابًا} آلهة {مِنْ دُونِ اللَّهِ} حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله كما يطاع الأرباب في أوامرهم ونواهيهم {وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} عطف على أحبارهم - أي اتخذوه ربًا حيث جعلوه ابن الله -).
وقوله: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا}.
قال ابن كثير: (أي: الذي إذا حرَّمَ الشيء فهو الحرام، وما حَلَّله حلَّ، وما شرعَهُ اتُّبِع، وما حَكَمَ به نفذ. {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}، أي: تعالى وتقدَّسَ وتَنَزَّه عن الشركاء والنظراء والأعوان والأضداد والأولاد، لا إله إلا هو، ولا ربَّ سواه).
وقوله: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}.
قال السدي: (يقول: يريدون أن يطفئوا الإِسلام بكلامهم).
والمقصود: أن محاولات الملأ الكافر على مدار الزمان تكذيب الحق والمكر بأهله والاستهزاء بالوحي ومنهاج الرسل - صلوات الله وسلامه عليهم - إنما هي بمثابة من يحاول إطفاء شعاع الشمس أو نور القمر بِنَفْخِهِ، وهذا تهريج وعبث.
وقوله: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.
أي: يأبى الله تعالى إلا أن يظهر دينه ويعلي كلمته رغم أنف الكافرين الماكرين، الذين يكرهون أن يروا أمر الله يعلو في الأرض وأولياءه هم الغالبون.
وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}.
تشريف لمحمد - صلى الله عليه وسلم - صاحب الرسالة الخاتمة، والشريعة الناسخة، لكل الشرائع التي سبقتها، وإعظام للمنهج الإلهي في صورته الأخيرة إلى البشرية جميعًا، وهو دين