مسجدًا وطهورًا، وأحلت لي الغنائم، ولم تَحِلَّ لأحد قبلي] (?).

الحديث الثالث: أخرج البخاري في صحيحه من حديث علي، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [لعل الله اطلع على من شهد بدرًا فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم] (?).

ورواه مسلم بلفظ: [لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة، أو قد غفرت لكم].

ثم إنه سبحانه قد عفا عنهم وتجاوز برحمته وكرمه عما اعتراهم فقال: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

70 - 71. قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (70) وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (71)}

في هذه الآيات: يقول جل ذكره مخاطبًا نبيه - صلى الله عليه وسلم -: قل يا محمد لهؤلاء الأسرى الذين أمسك الله بهم وأمكنك منهم، إن يعلم الله في قلوبكم إسلامًا يؤتكم خيرًا مما أخذ منكم من الفداء، ويصفح عنكم جُرْمكم أن قاتلتم نبي الله وأصحابه وكفرتم وأشركتم، وإن يريدوا غدرًا وخداعًا بالقول فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم المؤمنين ببدر، فإن الله محيط بهم لا محالة، ولا يفلت منه أحد.

قال القرطبي: ({إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا} أي إسلامًا. {يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ} أي من الفِدية، قيل في الدنيا، وقيل في الآخرة).

وقد تباين فداء الأسرى وتفاوت حسب حالهم، وضيقهم وسعتهم، فمن كان منهم ذا مال فقد أخذ منه أربعة آلاف درهم كما يروي الطبراني وغيره، ومن لم يكن منهم له مال، فقد جُعِلَ فداؤهم أن يُعَلِّمُوا أبناء الأنصار.

أخرج الإمام أحمد بسند جيد عن ابن عباس قال: [كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة. فجاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015