ولا يفر ألف من ألفين، فإنهم إن صبروا وصمدوا لهم غلبوهم بإذن الله.
فقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
قال الشعبي: (حسبك الله، وحسب من معك). أو قال: (حسبك الله، وحسب من شهد معك).
وقال ابن زيد: (قال: يا أيها النبي حسبك الله، وحسب من اتبعك من المؤمنين، إن حسبك أنت وهم، الله).
قال ابن جرير: (يقول لهم جل ثناؤه: ناهضوا عدوكم، فإن الله كافيكم أمرهم، ولا يهولنكم كثرة عددهم وقلة عددكم، فإن الله مؤيدكم بنصره).
قلت: والحَسْب في كلام العرب الكافي.
قال الرازي: ({حَسْبُكَ} دِرْهم أي كفاك).
وفي المسند ومعجم الطبراني بسند حسن عن سعيد بن زيد، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [سيكون بعدي فتن يكون فيها، ويكون. فقلنا: إن أدركنا ذلك هلكنا، قال: بحسب أصحابي القتل] (?).
وقوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ}.
أي حُثّ أصحابك ومتبعيك على قتال المشركين الذين يصدون عن سبيل الله وذمِّرهم على ذلك.
قال النسفي: (التحريض المبالغة في الحث على الأمر، من الحرض، وهو أن ينهكه المرض حتى يشفى على الموت).
وقد حفلت السنة الصحيحة بألوان من التحريض من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه على اقتحام الأهوال وإنزال الخزي والقتل في رقاب المشركين، ومن ذلك:
الحديث الأول: في أثناء معركة بدر.
فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أنس رضي الله عنه قال: [فدنا المشركون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قوموا إلى جَنّة عرضها السماوات والأرض، قال: يقول عمير بن