إنما حقيقة الابتلاء التمحيص وتمييز الخبيث من الطيب، لِيُراكِمَ اللهُ الخبيثَ على بعضه فيكدِّسَهُ في نار جهنم.

قل يا محمد للكفار المكرة بدين الله إن ينتهوا عما هم عليه من الكفر والمكر فإن فرصة التوبة والإنابة إلى الله قائمة، وإلا فقد مضت سنة الله في إهلاك المستكبرين.

قاتلوا - معشر المؤمنين - الكفرة المعاندين لاستئصال فتنتهم من الأرض وليكون الدين كله لله، فإن انتهوا عن الكفر والمعاصي ظاهرًا فإن الله بصير ببواطنهم.

وإن أعرضوا عن الحق وأصروا على إشاعة الفتنة والمنكر فاستعينوا بالله عليهم فإنه - تعالى - ناصركم ومؤيدكم وهو سبحانه نعم المولى ونعم النصير.

فقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}.

لقد احْتجز طغاة مكة العير التي نجا بها أبو سفيان والتي كانت سببًا لمعركة بدر، لينفقوها على قتال المسلمين بأحد.

يروي ابن إسحاق بسند حسن من حديث عاصم بن عمر بن قتادة أنهم قالوا: (يا معشر قريش، إن محمدًا قد وترَكم وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرًا) (?).

فلقد كانت قريش تحترق غيظًا كلما ذكرت مأساة بدر، وتشتاط غضبًا عند ذكرها لأبطالها الذين فقدتهم وصرعتهم أسياف المسلمين، فكانت تخطط للثأر والانتقام في حرب شاملة، يحرضها على ذلك عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، وأبو سفيان بن حرب، وعبد الله بن ربيعة وغيرهم، وكان من أمرهم أن احتجزوا تلك العير للثأر لقتلاهم في قتال أحد.

فأجابت قريش لذلك فباعوها، وكانت ألف بعير، وكان المال خمسين ألف دينار، فأشار القرآن النازل من سورة الأنفال إلى ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015