وذكر القرطبي قول السدي وقتادة ثم قال: (وعلى التفسيرين ففيه ردٌّ على الجهال من الصوفية الذين يَرقصون وَيُصَفِّقُون ويصعقون.
وذلك كله منكر يتنزّه عن مثله العقلاء، ويتشبّه فاعله بالمشركين فيما كانوا يفعلونه عند البيت).
6 - وعن سعيد بن جبير: ({وَتَصْدِيَةً} قال: صدّهم الناس عن سبيل الله عز وجل).
قلت: وفي لغة العرب المكو: أن يجمع الرجل يديه ثم يدخلهما في فيه ثم يصيح.
قال الرازي: (والمُكاءُ مُخَفَّفُ الصفير، وقد مكا صفر). ويقال: مكا يمكو مَكوًا ومكاءً، ومَكَتْ است الدابة مكاء إذا نفخت بالريح.
وأما التصدية فهي التصفيق.
قال بعض أهل اللغة: الصَّدى: الذي يجيبك بمثل صوتك في الجبال وغيرها.
قال شيخ الإسلام: (ومن أعظم ما يقوي الأحوال الشيطانية سماع الغناء والملاهي. . . وهو سماع المشركين. . قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}. قال ابن عباس وابن عمر وغيرهما: التصدية: التصفيق باليد، والمكاء: التصفير. . . فكان المشركون يتخذون هذا عبادة، وأما النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فعبادتهم ما أمر الله به من الصلاة والقراءة والذكر ونحو ذلك، ولم يجتمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه على استماع غناء قط لا بكف ولا بدف).
ثم قال عن مستمع الغناء: (وحالة خوارقه تنقص عند سماع القرآن وتقوى عند مزامير الشيطان فيرقص ليلًا طويلًا. فإذا جاءت الصلاة صلى قاعدًا أو ينقر الصلاة نقر الديك. . . وهو يبغض سماع القرآن وينفر منه ويتكلفه. . . ليس له فيه محبة ولا ذوق ولا لذة عند وجده، ويحب سماع المكاء والتصدية ويجد عنده مواجيد. . . فهذه أحوال شيطانية وهو من يتناوله قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}) انتهى (?).
وقال ابن القيم في كتابه - "إغاثة اللهفان" -: (ومن مكايد عدو الله ومصايده التي كاد