وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
قال ابن زيد: (نهاكم أن تخونوا الله والرسول، كما صنع المنافقون).
وقال السدي: (فإنهم إذا خانوا الله والرسول فقد خانوا أماناتهم).
وقال ابن إسحاق: (أي: لا تظهروا لله من الحق ما يرضى به منكم، ثم تخالفوه في السِّر إلى غيره، فإن ذلك هلاك لأماناتكم، وخيانة لأنفسكم).
وقال ابن عباس: (والأمانة: الأعمال التي أمن الله عليها العباد، يعني الفريضة. يقول: {لَا تَخُونُوا}، يعني: لا تنقصوها).
وفي رواية: ({لَا تَخُونُوا اللَّهَ} بترك فرائضه، {وَالرَّسُولَ} بترك سنته وارتكاب معصيته).
قال القاسمي رحمه الله: (ويدخل في خيانة الله تعطيل فرائضه، ومجاوزة حدوده. وفي خيانة رسوله رفض سنته، وإفشاء سره للمشركين. وفي خيانة أمانتهم الغلول في المغانم، أي السرقة منها، وخيانة كل ما يؤتمن عليه الناس من مال أو أهل أو سر، وكل ما تعبدوا به).
وفي الصحيحين من حديث علي - في قصة حاطب لما بعث الكتاب إلى المشركين يعلمهم بقصْدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياهم عام الفتح فاطلع الله رسوله وبعث فاسترجع الكتاب - فقال عمر: [إنه قدْ خانَ الله ورسوله والمؤمنين فدَعْنِيْ فَلأِضْربْ عُنُقَه، فقال: أليس من أهل بدر؟ فقال: لعل الله اطَّلعَ على أهل بدر؟ فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة، أو فقد غفرت لكم، فَدَمَعَتْ عينا عُمَرَ وقال: الله ورسوله أعلم] (?).
وقوله: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}. أي: تبعة ذلك ووباله، فإن الخيانة إثمها عظيم. وفيه دليل على أن ذنب العالم بالخطيئة أعظم منه من غيره، وأن الظلم ذنب كبير.
وفي صحيح مسلم عن جابر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [اتقوا الظلم، فإن الظلم