وبات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو ربه ويقول: اللهم إنك إن تهلك هذه الفئة لا تعبد. فلما طلع الفجر نادى: الصلاة، عباد الله. فجاء الناس من تحت الشجر والحجف، فصلَّى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحرَّض على القتال] (?).

وعن مجاهد: ({مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}، قال: المطر، أنزله عليهم قبل النعاس، {رِجْزَ الشَّيْطَانِ}، قال: وسوسته. قال: فأطفأ بالمطر الغبار، والتبدت به الأرض، وطابت به أنفسهم، وثبتت به أقدامهم).

وقال ابن زيد: ({وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ}، الذي ألقى في قلوبكم: ليس لكم بهؤلاء طاقة! ).

وعن السدي: ({وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ}، حين تشتدون على الرمل، وهو كهيئة الأرض).

ثم قال جل ثناؤه: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ}. أي: أنصركم، {فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا}. أي: قووا عزمهم، وصححوا نياتهم في قتال عدوهم من المشركين. قيل: تثبيتهم كان حضورهم الحرب معهم. وقيل: بل معونتهم بقتال أعدائهم.

ففي شرح النووي على صحيح مسلم، قال ابن عباس: [بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم - وهو اسم فرس الملك - فنظر إلى المشرك أمامه فخرَّ مستلقيًا، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط، فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: صدقت ذلك مدد من السماء الثالثة] (?).

قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حُدِّثَ عن ابن عباس قال: حدثني رجل من بني غفار، قال: (أقبلت أنا وابن عمّ لي حتى أصْعدنا في جبل يشرف بنا على بَدْر، ونحن مُشْركان، ننتظر الوقعة على من تكون الدّبْرة - الدائرة -، فننتهب مع من ينتهب، قال: فبينا نحن في الجبل، إذ دنتْ منّا سحابة، فسمعنا فيها حَمْحَمة الخيل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015