فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أيها الناس! ارْبَعُوا على أنْفُسكم، فإنكم لا تَدْعون أَصَمَّ ولا غائبًا، إنه معكم، إنه سميع قريب] (?).

وأما ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (?). فالجواب عنه كما قال الشافعي في الأم (1/ 127): (وأحسبه إنما جهر قليلًا ليتعلم الناس منه). قال ابن الحاج: (فهذا الإمام الشافعي حمل ذلك على سبيل التعليم، فإن حصل التعليم أمسك).

قال ابن جرير: (وأما قوله: {وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ}، فإنه يقول: ولا تكن من اللَّاهين إذا قرئ القرآن عن عظاته وعبره وما فيه من عجائبه، ولكن تدبر ذلك وتفهمه، وأشعره قلبك بذكرٍ لله، وخضوع له، وخوفٍ من قدرة الله عليك إن أنت غفلت عن ذلك).

وقال قتادة: (أمر الله بذكره، ونهى عن الغفلة).

وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ}.

قال القاسمي: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ} يعني الملائكة الذين هم في أعلى مقامات القرب {لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} أي: لا يتعظمون عنها. وقوله: {وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} أي: فينبغي أن يقتدى بهم فيما ذكر عنهم، ففيه حث ولطف مرغب في ذلك. لأنه إذا كان أولئك - وهم ما هم في قرب المنزلة والعصمة - حالهم في عبادته تعالى وتسبيحه ما ذكر، فكيف ينبغي أن يكون غيرهم).

قال ابن كثير: (وإنما ذكرهم بهذا ليُتَشَبَّه بهم في كثرة طاعتهم وعبادتهم. ولهذا شرع لنا السجود ها هنا لما ذكر سجودهم لله - عز وجل -. كما جاء في الحديث: "ألا تَصُفُّون كما تَصُفُّ الملائكة عند ربها، يُتِمُّون الصفوفَ الأوَل، ويتراصون في الصف". وهذه أول سجدة في القرآن، مما يشرع لتاليها ومستمعها السجود بالإجماع).

قلت: وقد حفلت السنة الصحيحة بالحث والترغيب على سجود التلاوة، في أحاديث:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015