قال: أمروا أن يذكروه في الصدور تضرعًا وخيفة). وقال ابن جريج: (يؤمر بالتضرع في الدعاء والاستكانة، ويكره رفع الصوت والنداء والصياح بالدعاء).

قال ابن جرير: (وأما قوله: {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}، فإنه يعني: بالبُكَر والعَشِيَّات).

والآصال جمع أصيل، كما الأيمان جمع يمين - هكذا في كلام العرب. والآصال هي وقت ما بين العصر إلى المغرب. قال ابن زيد: ({بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}: بالبكر والعشي).

وقال مجاهد: ("الغدو" آخر الفجر، صلاة الصبح، و"الآصال"، آخر العشي، صلاة العصر. قال: وكل ذلك لها وقت، أو الفجر وآخره. وذلك مثل قوله في سورة آل عمران: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41)}. وقيل: "العشي" مَيْل الشمس إلى أن تغيب، و"الإبكار"، أول الفجر).

والخلاصة: في الآية نهي صريح عن رفع الصوت بالذكر والدعاء، أو التشويش على المؤمنين. وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى، في أحاديث:

الحديث الأول: أخرج الإمام مالك في الصلاة، من حديث البياضي رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد خرج على أصحابه وهم يرفعون أصواتهم بالقرآن، فكره ذلك - وقال: [لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن] (?).

الحديث الثاني: أخرج أبو داود بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: [اعتكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: ألا كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضًا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة] (?).

الحديث الثالث: أخرج البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: [كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكُنّا إذا أشرفنا على وادٍ هَلَّلْنا وكَبَّرْنا ارتَفَعَتْ أصواتُنا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015