في التعامل مع الحق قد سبقهم بها أقوام كذبوا من قبل فدكهم عذاب الله، قل لهم - يا محمد - هل عندكم على دعواكم عن رضا الله بشرككم، أو تحريمكم بأهوائكم، حجة من العلم، وإنما أنتم تفترون على الله الكذب ولا برهان ولا علم ولا حجة لديكم. إن الحجة البالغة لله سبحانه فقد أعذر عباده وأنذر ولو شاء لألزمكم الهداية ولكنه ما أراد ذلك. ثم قل لهم يا محمد - هاتوا شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرّم عليكم ما تدّعون، فإن فعلوا يا محمد - وأتوا بالشهداء فلا تشهد معهم فإنهم شهود زور وكذب، فاحذر أن تصدق قومًا يتبعون أهواءهم ولا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يشركون.

فعن مجاهد: ({فَإِنْ كَذَّبُوكَ} - قال اليهود). قال السدي: (كانت اليهود يقولون: إنما حرّمه إسرائيل - يعني الثَّرْبَ شحم الكليتين - فنحن نحرمه، فذلك قوله: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}).

والآية ترغيب للمشركين واليهود في التماس رحمة الله الواسعة، بعد الترهيب من مغبة الكذب على الله والشرك به. والقرآن مليء بهذا المنهج الفريد الذي يتودد الله به إلى عباده رغم سوء صنيعهم وظلمهم علهم يرجعون إلى التماس عفوه ومغفرته.

1 - قال تعالى في سورة الأنعام: {إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)}. ختم بها هذه السورة.

2 - وقال سبحانه في سورة الرعد: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6)}.

3 - وقال جل ذكره في سورة الحجر: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)}.

4 - وقال جلت عظمته في سورة البروج: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14)}.

أخرج الإمام أحمد والترمذي بسند صحيح عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [قال الله تعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عَنانَ السماء ثم استغفرتني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015