قال ابن جريج: ({أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ}: شحم الألية بالعُصْعُص، فهو حلال.
وكل شيء في القوائم والجنب والرأس والعين قد اختلط بعظم، فهو حلال).
وقال السدي: ({أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ}، مما كان من شحم على عظم).
فيكون المعنى: ومن البقر والغنم حرمنا على الذين هادوا شحومهما، واستثني من ذلك ما حملت ظهورهما أو حواياهما أو ما اختلط بعظم فذلك حلال).
وقوله: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}.
قال قتادة: (إنما حرم ذلك عليهم عقوبة ببغيهم). وقال ابن زيد: (فعلنا ذلك بهم ببغيهم).
قال الحافظ ابن كثير: ({وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}، أي: وإنا لعادلون فيما جازيناهم به).
وقال ابن جرير: {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}، يقول: وإنا لصادقون في خبرنا هذا عن هؤلاء اليهود عما حرمنا عليهم من الشحوم ولحوم الأنعام والطير التي ذكرنا أنّا حرمنا عليهم، وفي غير ذلك من أخبارنا، وهم الكاذبون في زعمهم أن ذلك إنما حرمه إسرائيل على نفسه، وأنهم إنما حرموه لتحريم إسرائيل إياه على نفسه).
والخلاصة: إن الله جلت عظمته إنما ضيق على هؤلاء اليهود ما ضيق مجازاة لهم على تنطعهم وبغيهم.
وفي التنزيل: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا}.
قلت: وقد جاءت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى - في أحاديث، منها:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس قال: [بلغَ عُمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - أن سَمُرَةَ باعَ خمرًا، فقال: قاتل الله سَمُرَة! ألم يَعْلَمْ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لَعَنَ الله اليهود، حُرِّمَتْ عليهم الشحوم فَجَملوها فباعوها] (?).
الحديث الثاني: أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -