الحديث الأول: أخرج البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: [أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى نيرانًا توقد يوم خيبر، قال: على ما توقدُ هذه النيران؟ قالوا: على الحمر الإنسية. قال: اكسِروها وأهرقوها. قالوا: ألا نُهْرِيقُها ونَغْسِلُها؟ قال: اغسلوا] (?).
الحديث الثاني: أخرج البخاري في صحيحه عن أنس - يوم خيبر - قال: [وأصبنا حُمُرًا فطبخناها فنادى منادي النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنّ الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحُمُر فإنها رجس، قال: فأكفئت القدور بما فيها] (?).
الحديث الثالث: أخرج البخاري في صحيحه عن جابر قال: [نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر عن لحوم الحمر ورَخَّصَ في لحوم الخيل] (?).
قلت: فهذا تخصيص للآية السابقة، وكذلك كل تخصيص آخر جاء في تحريم بعض اللحوم. وعليه يحمل قول ابن عباس: [كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء، ويتركون أشياء تَقَذُّرًا، فبعث الله تعالى نبيه، وأنزل كتابه، وأحل حلاله، وحرَّم حرامه، فما أحل فهو حلال، وما حرّم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، وتلا: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا. . . (145)} إلى آخر الآية] (?).
ومن ذلك أيضًا ما أخرج الإمام أحمد والبخاري - واللفظ لأحمد - عن ابن عباس قال: [ماتت شاةٌ لسودةَ بنت زَمَعَة، فقالت: يا رسول الله، ماتت فلانةُ - تعني الشاة - قال: فلولا أخَذْتم مَسْكها؟ قالت: نأخذ مَسْك شاةٍ قد ماتت؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما قال الله: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ}، وإنكم لا تَطعَمُونه، أَنْ تَدْبَغوه فتَنْتَفِعُوا به. فأرسَلَت فَسَلَخَت مَسْكها فدَبَغَتْه، فاتَّخَذَتْ مِنه قِرْبَةً، حتى تَخَرَّقَت عندها] (?).