لا تحمل، تأكلون لحمها، وتتخذون من أصوافها لحافًا وفرشًا).

وقال السدي: (أما "الحمولة"، فالإبل، وأما "الفرش" فالفُصْلان والعَجاجيل والغنم. وما حمل عليه فهو "حمولة").

قلت: والقول الثالث أشملها، فكل ما حمل عليه من الإبل والخيل والبغال والحمير وغير ذلك من الأنعام فهو حمولة، واختاره ابن جرير. ثم قال: (وكذلك "الفرش"، إنما هو صفة لما لطف فقرب من الأرض جسمه، ويقال له: "الفرش". وأحسبها سميت بذلك تمثيلًا لها في استواء أسنانها ولطفها بالفَرْش من الأرض، وهي الأرض المستوية التي يتوطَّؤها الناس).

وفي التنزيل ما يشهد لهذا المعنى:

1 - قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79) وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} [غافر: 79، 80].

2 - وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} [يس: 71، 72].

3 - وقال سبحانه: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} هو إلى قوله: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 66 - 80].

وقوله: {كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}.

أي: كلوا من طيبات ما رزقكم الله معشر المؤمنين، فقد أحل لكم ثمرات زروعكم وغروسكم وحروثكم، ولحوم أنعامكم، ولا تقلدوا المشركين الذين اتبعوا خطوات الشيطان، فحرموا طيبات أحلت لهم، وشرعوا ما لم يأذن به الله.

قال ابن زيد: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}: لا تتبعوا طاعته، هي ذنوب لكم، وهي طاعة للخبيث).

قلت: ومن خطوات الشيطان اكتساب الرزق من أي طريق، ولو كان في إشاعة منكر في الأرض من طعام أو شراب أو لباس أو علم فاسد المنهج أو غير ذلك، مما يعين على نشر الفواحش والمعازف في الأرض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015